الأمر الثاني
النسخ
قد عرفت أنّ في هذا الفصل أُموراً ثلاثة ، وقد تمّ الكلام في الأمر الأوّل ، فلنأخذ الأمر الثاني بالبحث وهو النسخ ، ويقع الكلام في أُمور :
الأوّل : النسخ لغة واصطلاحاً
النسخ لغة هو إبطال شيء وإقامة شيء آخر مقامه.
يقال : نسخت الشمسُ الظلَّ أي أذهبتْه وحلّتْ محلَّه ، وانتسخ الشيبُ الشبابَ ، والتناسخ في الفرائض والمواريث أن تموت ورثة بعد ورثة وأصل الميراث قائم لم يُقسَّم ، وكذلك تناسخ الأزمنة والقرون بعد القرون الماضية.
وربما يقال : أصل النسخ : الإبدال من الشيء غيره ، ولعلّه بهذا المعنى نسختُ الكتابَ أي استنسخته.
وعلى هذا يكون إمّا مشتركاً لفظيّاً بين الإبطال والإبدال ، أو مشتركاً معنوياً بتصوير جامع بينهما.
وأمّا اصطلاحاً فهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخّر على وجه لولاه لكان سائداً ، وعرّفه الطبرسي بقوله : « كلّ دليل شرعي دلّ على أنّ مثل الحكم الثابت بالنص الأوّل ، غير ثابت في المستقبل على وجه لولاه لكان ثابتاً بالنصّ الأوّل مع تراخيه عنه ».
ولا تخفى وجازة التعريف الأوّل.