تمام الموضوع للمفسدة ، فلابدّ أن يتعلّق النهي بها ، فلو خاط المكلّف الثوب في دار زيد أتى بمورد الأمر بلا إشكال لتحقق الخياطة التي هي تمام الموضوع بلا مدخلية أمر وجودي أو عدمي ، وأتى بمورد النهي الذي هو الخياطة في دار زيد وتكون تمام الموضوع للمفسدة والنهي ، فأصل الخياطة مأمور بها ، وهي مع التقييد الكذائي منهي عنها ، فهما مفهومان ، قد تعلّق النهي بأحدهما ، والأمر بالآخر ، وأخذ أحدهما في الآخر لا يوجب اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد بجهة واحدة ، واجتماعهما في الوجود بسوء اختيار المكلّف لا يوجب امتناعاً في ناحية التكليف. (١) وأشار السيد الأُستاذ إلى المسألة وذكر لكلّ من جريان النزاع فيها وعدمه وجهاً ولم يختر شيئاً وقال : والمسألة محل إشكال.
والكلام (٢) الحاسم في المقام : هو انّ النهي في المقام على أقسام :
١. أن يكون النهي إرشاداً إلى مانعية هذه الأُمور عن الصلاة وتقييدها بعدمها كما في النهي عن الصلاة فيمالا يؤكل والنجس والميتة ، فيكون النهي مقيِّداً لإطلاق ما دلّ على صحّة العبادة ، دالاًّ على الفساد في العبادات والمعاملات ، فهذا القسم خارج عن محط البحث.
٢. أن يكون النهي لبيان حكم تحريمي كالنهي عن الوضوء والغسل من الماء المغصوب ، فالنهي يدلّ على مبغوضية متعلّقه ( الوضوء بماء مغصوب ) ، ومعه يقيّد إطلاق الأمر بالوضوء ، إذ مقتضى النهي ، عدم جواز إيجاد هذا الفرد المنهي عنه في الخارج وعدم جواز تطبيق الطبيعة المأمور بها ، عليه ، وهذا أيضاً خارج عن محط البحث ، إذ التقييد في هذين القسمين ممّا لا بدّ منه.
__________________
١. لمحات الأُصول : ٢٣٠.
٢. تهذيب الأُصول : ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.