من أنّ الاشتقاقات من المعنى الاصطلاحيّ ، ليس في محلّه.
الجهة الثّانية : الأمر بمعناه الحدثيّ الصّدوريّ أي الّذي بمعنى الطّلب تارة يقال إنّ العلوّ مأخوذ فيه. وأخرى يقال إنّ الاستعلاء مأخوذ فيه وثالثة يقال إنّ أحد الأمرين مأخوذ فيه وربّما يتوهّم أنّ كليهما مأخوذان فيه. ولكن الّذي أظنّه قويّا أنّ تمام هذا بمراحل عن الواقع بل الأمر على نحوين :
نحو ليس في انبعاثه ضميمة أصلا من الدّعاء والاستدعاء وغير ذلك بل إنّما يكون انبعاثه بنفس ذاته كما في أمر المولى لعبده المقهور فإنّ الامر في هذا المقام يرى نفسه بحيث يكون نفس أمره يبعث ويحرّك المأمور والقهّاريّة للمولى وإن كان مفروضا إلّا أنّه ليس دخيلا في مفهوم الأمر بوجه من الوجوه. ونحو آخر هو أنّه لا يكون باعثا إلّا إذا انضمّ إليه بعض الضّمائم من التّضرّع والخضوع أو التّرغيب والتّشويق بحيث أنّه لا يكاد يتمّ الطّلب بدون انضمام هذه الضّمائم نظير طلب السّائل أو طلب المولى مع الاستدعاء فيما إذا لم يكن بصدد إعمال المولويّة وفي كلا النّحوين لا يكون العلوّ او الاستعلاء أو الدّعاء أو أحدهما او كلاهما دخيلا في مفهوم الأمر بحيث يكون معنى امرك بكذا هو أطلب منك وأنا عال أو مستعل أو غيرهما.
الجهة الثّالثة : إنّ الّذي يبحث في هذه الجهة وإن كان هو البحث عن كون اللّفظ حقيقة في الوجوب او النّدب ام لا أو ظاهرا في الوجوب أو في النّدب أو لا إلّا أنّه لما كان هذا البحث موقوفا تمام التّوقّف على بيان حقيقة الطّلب والإرادة أخّرناه لما بعد التّحقيق في معنى الطّلب فلتكن هذه الجهة مختصّة بالبحث عن حقيقة الطّلب.
وقبل الخوض في تحقيق المرام وتنقيح المقال ، لا بدّ لنا من التّعرّض إلى ما هو مطرح أنظار الأشاعرة والمعتزلة وتحرير محلّ نزاعهم وما هو وجه التّناسب بين نزاعهم وهذا المقام.
أمّا موضوع البحث بينهم فهو في خصوص صفة التّكلم في ذات الباري تعالى.