عرفت بما لا مزيد عليه إنّما هو في مقام التكليف وانّه هل يمكن تعلّق الإرادة أو الأمر بحيثيّة والكراهة أو النّهى بحيثيّة أخرى ويكون بين تلك الحيثيّتين عموم من وجه أو لا يمكن؟ ومن المعلوم أنّ إمكان التقرّب في مادّة الصّدق أو لا إمكانه أجنبيّ عن هذا النّزاع ، فلا مانع من الالتزام بالجواز كما حقّقناه مع الحكم بفساد العبادات المتّحدة مع المنهيّات ، كما هو الحقّ ، وذلك لأن عنوان المأمور به لا ينطبق أصلا على ما لا يكون فيه قصد التقرّب والامتثال ، بناء على كونه دخيلا في ما تعلّق به الأمر ، أو لأنّه لا يحصل به الغرض ، بناء على مدخليّته في الغرض.
هذا تمام ما عندنا من التحقيق في المقام. وبقي هنا شيء ينبغي التعرض إليه كي يكون القول بالجواز بمثابة من الوضوح وهو قضيّة الشهرة المشهورة بين الأعلام في المقام وخلاصة الكلام أنّك قد عرفت ممّا تلوناه لك الجهة المبحوث عنها في باب اجتماع الأمر والنّهي من الجهة الّتي توجب بطلان العبادات في مادّة التصادق والاجتماع وأنّ الموجب للبطلان عدم إمكان قصد التقرّب بما هو طغيان وعصيان للمولى لا الامتناع وعدم جواز الاجتماع. والشهرة الدائرة في أفواه الأعلام إنّما هو في المقام الثاني ولا ربط له بما هو محلّ البحث والنزاع.
وذلك لمّا قد تعمّقنا وتصفّحنا في كلمات القدماء من الأصحاب ولم نجد في موضع من مواضع كلماتهم التعرّض لما نحن بصدده من الامتناع أو الجواز على الوجه الّذي قلناه في العنوان والمسألة مستحدثة بين المتأخّرين عن زمان العلّامة (قده) بل العنوان في كلامهم هو الّذي تعرّضوه في غير واحد من كتبهم كأصول الغنية وكتب الشيخ والسّيّد في الناصريّات وهو مسألة صحّة العبادات فيما إذا اتّحدت واجتمعت مع المحرّمات وفسادها نظير الصلاة في الدار المغصوبة. ومن المعلوم أنّ الشهرة على فسادها أجنبيّ عن المقام. والّذي يتراءى من كلماتهم ويوجد في عناوين كتبهم هو الحكم بعدم صحّة الصلاة وسائر العبادات الّتي تقع في مكان مغصوب أو كلّ ما هو منهيّ عنه بالنّهي الشرعيّ معلّلين بدليلين كما هو المحكيّ عن