الدّالّة على بيان الأحكام الظّاهريّة وما هو المستفاد من ظواهر الأدلة ،
ثمّ الشّروع في تسديد ثغور الاشكالات العقليّة الواردة في مقام الجمع بين الحكم
الظّاهريّ والواقعيّ. فعلى هذا يقع الكلام في الموردين :
المورد
الأوّل : فيما هو
المستفاد من ظواهر الأدلة فنقول مستعينين بالله : إنّ كلامنا في إجزاء الأحكام الظّاهريّة
وعدمه إنّما يقع فيما إذا تعلّق الأمر بالطّبيعة ويكون لها مصداق واقعيّ جامع
لجميع الأجزاء والشّرائط وعدم الموانع كلّها بوجوداتها الواقعيّة ، وقد دلّ
الدّليل من الأصل أو الأمارة على عدم كون الشّيء شرطا أو جزء أو مانعا في حال
الجهل بالواقع. وبعبارة أخرى الكلام في المقام إنّما يقع في خصوص ما إذا كان له
حكومة على الأحكام الواقعيّة بجعل المصداق الظّاهريّ للطّبيعة المأمور بها في ظرف
الشّكّ مثل الأصول والأمارات التي ينقّح ويوسّع بها الجزء والشّرط وعدم المانع أو
الجزئيّة والشّرطيّة والمانعيّة في الشّبهات الموضوعيّة أو الحكميّة ، لا ما ينتفي
الحكم النّفسيّ من رأس مع وجوده واقعا أو يثبت به الحكم مع عدمه في الواقع ، مثلما
ربما يجري في وجوب صلاة الظّهر أو الجمعة أو وجوب الدّعاء عند رؤية الهلال فإنّها
ليست واقعة في مورد نزاع الإجزاء أصلا حيث إنّه لا يمكن توهّم الإجزاء في هذه
الموارد وأن يقال إنّ الإتيان بشيء يوجب الإجزاء عن شيء آخر كإجزاء صلاة الظّهر عن
الجمعة أو بالعكس مثلا لأنّه من قبيل إجزاء أمر عن أمر آخر لا إجزاء الظّاهريّ عن
الواقعيّ. وكيف كان ، الاستظهار عن الدّليل إنّما يكون على وجهين : تارة يستفاد من
الدّليل أنّ المكلّف عند الشّكّ يكون معذورا وليس عليه التّكليف.
وأخرى يستفاد
أنّ المأمور به في ظرف الشّكّ هو الّذي ليس له جزء أو شرط أو مانع مشكوك فيه. وإن
شئت قلت تارة يكون الإتيان بالعمل الخالي عن الشّرط أو الجزء المشكوك فيه أو
الواجد للمانع المشكوك فيه هو الإتيان بالمأمور به حقيقة في ظرف الشّكّ.
وأخرى لا يكون
ذلك العمل الفاقد للجزء أو الشّرط أو الواجد للمانع مأمورا به أصلا