وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠) قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) وَمَا يَتَّبِعُ
________________________________________________________
جمع قطعة وإعراب مظلما على هذه القراءة : حال من الليل ، ومن قرأ قطعا بإسكان الطاء (١) ، فمظلما صفة له أو حال من الليل (مَكانَكُمْ) تقديره الزموا مكانكم أي لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل الله بكم (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) أي فرقنا (تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) أي تختبر بما قدمت من الأعمال ، وقرئ تتلو (٢) بتاءين بمعنى تتبع أو تقرأه في المصاحف (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ) الآية : احتجاج على الكفار بحجج كثيرة واضحة لا محيص لهم عن الإقرار بها (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) مذكور في [آل عمران : ٢٧] (رَبُّكُمُ الْحَقُ) أي الثابت الربوبية بخلاف ما تعبدون من دونه (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) أي عبادة غير الله ضلال بعد وضوح الحق ، وتدل الآية على أنه ليس بين الحق والباطل منزلة في علم الاعتقادات ، إذ الحق فيها في طرف واحد ، بخلاف مسائل الفروع (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) المعنى : كما حق الحق في الاعتقادات كذلك حقت كلمة ربك على الذين عتوا وتمردوا في كفرهم أنهم لا يؤمنون ، والكلمات يراد بها القدر والقضاء (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) الآية : احتجاج على الكفار ، فإن قيل : كيف يحتج عليهم بإعادة الخلق ، وهم لا يعترفون بها؟ فالجواب ، أنهم معترفون أن شركاءهم لا يقدرون على الابتداء ولا على الإعادة ، وفي ذلك إبطال لربوبيتهم ، وأيضا فوضعت الإعادة موضع المتفق عليه لظهور برهانها (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) (٣) بتشديد الدال معناه : لا يهتدي في نفسه ، فكيف يهدي غيره ، وقرئ بالتخفيف بمعنى يهدي غيره والقراءة الأولى أبلغ في الاحتجاج (فَما لَكُمْ) ما استفهامية معناها تقرير وتوبيخ ولكم خبرها ويوقف عليه (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) أي تحكمون بالباطل في عبادتكم لغير الله (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) أي غير
__________________
(١). هي قراءة الكسائي وابن كثير وقرأ الباقون : قطعا بفتح الطاء.
(٢). هي قراءة الكسائي وحمزة تتلو. وقرأ الباقون : تبلوا.
(٣). اختلف القراء في قراءتها : فقراءة نافع يهدّي وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش بفتح الهاء وعن عاصم روايتان رواية أبي بكر : يهدّي : ثلاث كسرات. وفي رواية حفص : بفتح الياء وكسر الهاء والدال مشددة. وقرأ حمزة والكسائي : يهدي.