قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
________________________________________________________
ألف التوبيخ على جملة الشرط والجزاء ، ودخلت الفاء لتربط الجملة الشرطية بالجملة التي قبلها ، والمعنى أن موت رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم أو قتله لا يقتضي انقلاب أصحابه على أعقابهم ، لأن شريعته قد تقررت وبراهينه قد صحت ، فعاتبهم على تقدير أن لو صدر منهم انقلاب لو مات صلىاللهعليهوسلم ، أو قتل وقد علم أنه لا يقتل ، ولكن ذكر ذلك لما صرخ به صارخ ووقع في نفوسهم (الشَّاكِرِينَ) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الثابتون على دينهم (كِتاباً مُؤَجَّلاً) نصب على المصدر لأنّ المعنى : كتب الموت كتابا ، وقال ابن عطية : نصب على التمييز (نُؤْتِهِ مِنْها) في ثواب الدنيا ، مقيد بالمشيئة بدليل قوله : (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء / ١٨] (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ) الفعل مسند ، إلى ضمير النبيّ ومعه ربيون على هذا في موضع الحال ، وقيل : إنه مسند إلى الربيين ، فيكون ربيون على هذا مفعولا لما لم يسم فاعله فعلى الأوّل يوقف على قوله : قتل ، ويترجح الأوّل : بما صرخ به الصارخ يوم أحد : إنّ محمدا قد مات ، فضرب لهم المثل بنبيّ قتل ، ويترجح الثاني بأنه لم يقتل قط نبي في محاربة (رِبِّيُّونَ) علماء مثل ربانيين ، وقيل : جموع كثيرة (فَما وَهَنُوا) الضمير لرِبِّيُّونَ على إسناد القتل للنبي ، وهو لم يق منهم على إسناد القتل إليهم (وَمَا اسْتَكانُوا) أي : لم يذلوا للكفار قال بعض النحاة : الاستكان مشتق من السكون ، ووزنه افتعلوا مطلت فتحة الكاف فحدث عن مطلها ألف وذلك كالإشباع ، وقيل : إنه من كان يكون ، فوزنه استفعلوا ، وقوله تعالى فما وهنوا وما بعده : تعريض لما صدر من بعض الناس يوم أحد (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) أي في الحرب (ثَوابَ الدُّنْيا) النصر (ثَوابِ الْآخِرَةِ) الجنة (إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) هم المنافقون الذين قالوا في قضية أحد ما قالوا ، وقيل : مشركوا قريش وقيل : اليهود (الرُّعْبَ) قيل : ألقى الله الرعب في قلوب المشركين بأحد ، فرجعوا إلى مكة من غير سبب ، وقيل : لما كانوا ببعض الطريق هموا بالرجوع ليستأصلوا المسلمين ، فألقى الله الرعب في قلوبهم (١) ، فأمسكوا ، والآية تتناول جميع الكفار
__________________
(١). في السيرة : لقد خرج المسلمون وهم مثخنون بالجراح خلف القرشيين وأقاموا في مكان (حمراء الأسد)