لتعريض عرضه للهتك بدخول الأجنبي على عائلته ، وبما أنّ المحافظة على العرض أهمّ في نظر الشارع ؛ قدّم على حقّه في إبقاء الشجرة ؛ لذا أمر النبي صلىاللهعليهوآله بالقلع.
والجواب على ذلك : أنّ الذي يزاحم المحافظة على العرض إنّما هو جواز الدخول بغير إذن ، لا وجود الشجرة ، ومقتضى ذلك أن يمنعه من استعمال هذا الحقّ ، لا أن يقلع شجرته.
على أنّ وجه التعليل أو التفريع على الأمر بالقلع ـ أي الحكم الوجودي ـ بقوله : «فإنّه لا ضرر ولا ضرار» الظاهر في نفي التشريع الضرري ، ما يزال يكتنفه الغموض.
الرأي المختار
وحلّ الإشكال في حدود ما يبدو لنا : أنّ التطبيق الوارد في هذه القصة تطبيق منسجم مع ما يظهر من القاعدة من نفي التشريع الضرري ، إلّا أنّ التطبيق إنّما كان للفقرة الثانية من القاعدة ـ أعني كلمة «لا ضرار» ـ لا الأولى منها ، كما ذكر ذلك جلّ من عرضنا لآرائهم من الأعلام.
وتقريب ما ندّعيه ـ وعلينا عهدته ـ أنّ جوّ المحاورة التي جرت بين النبي صلىاللهعليهوآله وسمرة ، بما فيها من محاولة النبي صلىاللهعليهوآله الإشارة عليه بالاستئذان ، أو البيع بما شاء من ثمن ، أو التعويض بالجنّة ، وامتناع سمرة عن قبول هذه العروض ، كشف له صلىاللهعليهوآله عن نفسية هذا الرجل الذي يأبى إلّا إيقاع الأذى على الأنصاري ومضارّته ، مستغلّا حقّه في بقاء الشجرة في داره لتحقيق ذلك الضّرار.
واستعمال حقّه في الدخول إليها من غير استئذان ، إنّما هو وسيلة من وسائل الضرار ، فلو قدّر للنبي صلىاللهعليهوآله أن يرفع حقّه في الدخول للجأ إلى وسائل أخرى للإيذاء ، كأن يولّد للأنصاري اتّهاما باستغلال الثمرة ، أو التقصير بسقيها ، أو غير ذلك ، ممّا يولّد الضرار له ، مستغلّا حقّه ببقاء هذه الشجرة في داره.