عليٍّ عليهالسلامفي من عُهِدَ إليهم بجمع القرآن وكتابته ، لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان! ويذكرون غيره ممّن هم أقلّ منه درجة في العلم والفقه! فهل كان عليٌّ لا يحسن شيئاً من هذا الأمر؟ أو كان من غير الموثوق بهم؟ أو ممّن لايصحّ استشارتهم أو إشراكهم في هذا الأمر؟
اللهمّ إنّ العقل والمنطق ليقضيان بأن يكون عليٌّ أوّل من يُعْهَد إليه بهذا الأمر ، وأعظم من يشارك فيه ، وذلك بما أتيح له من صفات ومزايا لم تتهيّأ لغيره من بين الصحابة جميعاً ؛ فقد ربّاه النبيّ (صلى الله عليه وآله) على عينه ، وعاش زمناً طويلاً تحت كَنَفِهِ ، وشهد الوحي من أوّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يَنِدَّ عنه آية من آياته!!
فإذا لم يُدْعَ إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يدعى؟!
وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوِّغوا بها تخطّيهم إيّاه في أمر خلافة أبي بكر فلَمْ يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها ، فبأيّ شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعلّل ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقّاً إنّ الأمر لعجيب ، وما علينا إلاَّ أن نقول كلمة لا نملك غيرها وهي :
لك الله يا عليّ! ما أنصفوك في شيء!»(١).
فالإمام علي عليهالسلام لم يستأ من عمل أولئك ولم يغضب من فعلهم ، بل تعامل معهم ومع ما جمعوه في المصحف تعاملاً حسناً ورضي بالموجود ؛
__________________
(١) أضواء على السنّة المحمّدية : ٢٤٩.