إلى أصالة البراءة ، مثل ما إذا فرضنا أنّ زيدا كان عالما ثمّ زال عنه العلم كما سبق ، وبعد ذلك ورد في الدليل : أكرم كلّ عالم. فشككنا في وجوب إكرام (زيد) لاحتمال كون المشتقّ موضوعا للأعمّ.
وأمّا الموارد التي يشكّ فيها في بقاء الحكم بعد حدوثه وثبوته فالمرجع فيها هو الاستصحاب ، وذلك كما لو كان زيد عالما وأمر المولى بوجوب إكرام كلّ عالم ، ثمّ بعد ذلك زال عنه العلم بالنسيان فابتلى بالجهل وأصبح جاهلا ، كما اتّفق ذلك بالنسبة إلى بعض الماضين من العلماء رحمهمالله تعالى ، فلا محالة نشكّ في بقاء الحكم ، لاحتمال كون المشتقّ موضوعا للأعمّ دون خصوص الأخصّ ، فإذن نستصحب بقاءه.
فلا يخفى عليك أنّ ما أفاده قدسسره أوّلا من أنّه لا أصل في المقام ليعوّل عليه عند الشكّ في الوضع الموسّع أو المضيّق فهو متين في نهاية الصحّة ، لما وقفت عليه مفصّلا بما لا مزيد عليه.
وأمّا ما أفاده قدسسره ثانيا من أنّه لا مانع من الرجوع إلى الأصل الحكمي في المقام وهو أصالة البراءة في موارد الشكّ في الحدوث ، والاستصحاب في موارد الشكّ في البقاء بعيد عن التصديق ، فلا يمكن المساعدة عليه. وذلك من جهة أنّه لا فرق في موارد الشكّ في الحدوث وموارد الشكّ في البقاء ، ففي كلّ من الموردين المرجع هو أصالة البراءة دون الاستصحاب.
أمّا في موارد الشكّ في حدوث التكليف قد سبق أنّ الأمر أوضح من أن يخفى عليك.
وأمّا في موارد الشكّ في البقاء ، فبناء على ما سلكناه في باب الاستصحاب من عدم جريانه في الشبهات الحكميّة خلافا للمشهور من الاصوليين فالأمر كذلك واضح لمن تأمّل في دليل الاستصحاب ، إذ الاستصحاب فيها معارض