تعارض الأحوال
بقي الكلام بالنسبة إلى بيان تعارض الأحوال ، فلا يخفى عليك أنّ الاصوليّين ذكروا للّفظ أحوالا متعدّدة من التخصيص والتقييد والمجاز والاشتراك والإضمار والنسخ ولكنّهم التزموا بأنّ اللفظ إذا استعمل وتردّد أمره بين واحد منها وبين الحقيقة أنّ المحكّم يكون هو الحقيقة دون واحد منها ، تمسّكا بأصالة الحقيقة ، فيثبتون بها الحقيقة ويلتزمون بأنّ اللفظ حقيقة في المستعمل فيه.
بخلاف ما إذا خرجت الحقيقة من الأطراف ودار أمر الاستعمال بين تلك الامور خاصّة من التجوّز والإضمار والتخصيص والتقييد والنسخ والعموم ، فإنّهم وإن ذكروا وجوها للترجيح بالنسبة إلى تقديم بعضها على البعض في سبيل أولويّة بعضها على الآخر عند التعارض والدوران. ولكن المحقّق صاحب الكفاية قدسسره أنكرها ، لعدم وجه الاعتماد عليها ، لأنّها وجوه استحسانية لا دليل على اعتبارها ، وجعل المدار المتيقّن هو الظهورات العرفيّة العقلائيّة (١) ، فكلّ واحد منها إذا كان هو الأظهر فهو المتّبع وإلّا فلا ، وما أفاد هو قدسسره يكون هو الجدير بالاعتماد.
وعلى هذا فلا مجال لإطالة الكلام في ذلك المقام ، فالأولى صرف عنان الكلام إلى بيان الحقيقة الشرعية.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٥.