الحديث بأنّه إنّما استعمل في نفي الحقيقة بعنوان الادّعاء والمبالغة دون نفي الكمال في الصحّة.
وقد قلنا في بعض مباحثنا الفقهية : إنّ المبالغة ليست من أفراد ومصاديق الكذب من أوّل تشكيل اللغة والتكلّم في المحاورة حتّى بالنسبة إلى الزهّاد والمتّقين من العلماء والمتكلّمين ، بل ذلك واقع في الأحاديث الصادرة من الأئمة المعصومين عليهمالسلام.
فانقدح بما قرّرنا لك في المقام أنّ الفرق بين قولك : (زيد حسن الوجه) وبين قولنا (زيد قمر) وبين (زيد شجاع) (وزيد أظهر من الشمس وأبين من الأمس) في أنّ الأوّلين في مقام بيان أصل حسن الوجه والشجاعة ، والثانيين في مقام بيان المبالغة في الحسن والشجاعة.
فإذن وقفت على أنّ ما نسب إلى السكاكي من عدم قبول المجاز في الكلمة في اللغة والمحاورة أصحّ في القبول والتصديق وأقرب إلى الحقّ بالنسبة إلى جميع الاستعمالات في المحاورات بمختلف أنواعها وأشكالها بما لها من الكثرة.
وعلى ضوء هذا البيان يصبح بحث المجاز في الكلمة السالبة بانتفاء الموضوع من الأصل والأساس ، فضلا عن أن نبحث في أنّ صحّته تدور مدار الإذن من الواضع في الحدّ الذي حدّده في مدار تلك العلائق والمناسبات المعيّنة ، أو على حسن الطبع الذي ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره.
بل المجاز عندئذ ـ كما أشرنا إليه في أثناء البحث ـ إنّما يكون في الإسناد والتطبيق وبعد التصرّف في الإسناد وتنزيل المعنى المجازي في منزلة المعنى الحقيقي واعتباره بالتقريب المتقدّم مصداقا وفردا منه من باب الادّعاء. فإذن الاستعمال ليس إلّا في معناه الحقيقي بالقطع واليقين لا محالة.