الأخبار (١) في وصف الله سبحانه أنه «خالق الخير والشر».
فإن قلت : إنهم قالوا في علم الكلام : إن الله خير محض ، والخير لا يصدر منه إلّا الخير ، ولا يمكن أن يصدر منه الشر ، لضرورة التناسب والسنخين بين العلة والمعلول ، كما قرر الفلاسفة. فالشر سواء كان وجوديا أم عدميا ، لا يمكن صدوره من الخالق ، لأنه خير محض.
جوابه : إن هذا قابل للمناقشة ، من أكثر من وجه :
الوجه الأول : إن الله سبحانه لا يمكن أن نسميه خيرا محضا. والآية (٢) : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) ، لا تدل على ذلك ، بل هي بمعنى أنه سبحانه خير الحافظين.
الوجه الثاني : إن الفلاسفة ، لم يقولوا إنه خير محض ، بل قالوا : إنه وجود محض ، أي وجود بلا ماهية ، وبسيط غير مركب.
وأما كونه خيرا ، فهذا مترتب على كون الوجود خير وليس بشر. وهذا مترتب على أن الشر عدم وليس بوجود. في حين أننا نتكلم في هذا الوجه الأول بناء على أن الخير والشر معا موجودان.
الوجه الثالث : إنه اتضح التناسب بين العلة والمعلول ، وهو الاشتراك في الوجود ، للخير والشر معا.
الوجه الرابع : إن عنوان الخير وعنوان الشر كل منهما مفهوم انتزاعي ذهني ، وليس أمرا خارجيا ، كما سنذكر ، وما هو موجود إنما هو الموجود الخارجي خاصة.
الرأي الثاني : ما قرّبه الشيخ المظفر قدس سرّه في محاضراته : من أن الخير وجود والشر عدم. والقدرة والإرادة والمشيئة إنما تتعلق بالوجود لا
__________________
(١) الوافي ج ١ ص ١١٧.
(٢) سورة يوسف / ٦٤.