قل : بسبب كل أمر. وهو يمثل السبب أو المرحلة العليا من الثلاث السابقة.
فإن قلت : إن الظاهر هو السببية التامة أو العلية. وهي تصح إذا كان الأمر بمعنى الطلب لا بمعنى الأشياء (مفرد أوامر لا مفرد أمور) فإنها على التقدير الآخر تكون مناسبة مع العلية الناقصة ، فتكون «من» قرينة متصلة على فهم مفرد أوامر لا مفرد أمور.
قلت : إن النحويين حين يقولون إن المراد من الحرف هو السببية لا يعنون بها السببية التامة ولا الناقصة ، بل الأعم منهما. والمورد هنا بالمعنى (الفلسفي) اقتضائي وليس عليّا ، وهو مناسب مع كلا المعنيين. فلا تكون القرينة المذكورة صحيحة.
الثالث : إنها للتعليل بالغاية ، من حيث إن العلة هي تطبيق الأوامر. وهي تمثل المرحلة الثالثة من الثلاث السابقة.
فإن قلت : ولكن توزيع الأوامر لا يكون في ليلة القدر بل في سنة كاملة.
قلت : جوابه على أحد شكلين :
الأول : النزول بكل أوامر السنة يكون بفعل المعصوم (ع). وهو العلة الغائية للتدبير.
الثاني : إن النزول اقتضائي لا علّيّ. فلو توخينا العلية أو الفعلية ، لتنفيذ هذه العطاءات فلا بد من مرور سنة ، إلّا أنه لا بأس أن ينزل كله في ليلة نزولا اقتضائيا ، ويبقى موقوفا تطبيقه على شرط حصول زمنه.
الرابع : ما اختاره في الميزان ، حيث قال (١) : والحق أن المراد بالأمر إن كان الأمر الإلهي المفسر بقوله (٢) : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٣٢.
(٢) يس / ٨٢.