واجب المطلق قد تنحصر فى المقدور كالطّهارات الثلاث بالنّسبة الى المتمكّن وقد يشترك بينه وبين غير المقدور كتطهير الثّوب فانّه يحصل تارة بغسله المقدور واخرى بوقوعه فى الماء من غير قصد وبغسل غيره له من غير اذنه ولا ريب فى انّ وجود الواجب فى مثله لا يتوقف على التقدير الأوّل فقط بل على احد التقديرين منه ومن التقدير الثانى فتكون مقدمة الواجب احد الأمرين لكن الوجوب على القول به انّما يتعلّق بالمقدمة المقدورة على التّعيين دون غيرها ولو على التخيير لاستحالة التكليف بغير المقدور مطلقا نعم يسقط وجوب المقدورة عند القائلين به بحصول غير المقدورة اذا تقرر هذا فالمستند على القول المختار وجوه [الوجه] الاوّل : شهادة الضّرورة بذلك فانّ من راجع وجدانه حال ارادته لشيء وقاس نفسه الى ما يتوقف عليه قطع بانّه مريد لها وقطع بانّ منشأ هذه الإرادة انّما هو ارادة ذى المقدّمة [الوجه] الثانى : ان صريح الفعل قاض بأنّ اتصاف الأمر المقدور بالرّجحان النّفسى المانع من النقيض بالفعل يوجب اتصاف ما يتوقف عليه بالرّجحان له اعنى الرّجحان الغيرى كذلك وقضيته ما تقرر من انّ احكام الشّرع تابعة لوجوه المصالح والجهات المرجّحة ان يكون الرّاجح النفسى مطلوبا لنفسه والراجح الغيرى مطلوبا للغير على اختلاف مراتب الطّلب يحسب تفاوت مراتب الرّجحان وحيث انّ رجحان الواجب رجحان مانع من النّقيض فلا بد ان يكون رجحان مقدماته ايضا كذلك وهو معنى الوجوب [الوجه] الثّالث : انّها لو لم تجب لجاز تركها وح فان بقى الواجب على وجوبه لزم التكليف بالمحال لامتناعه حال عدمها والّا لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا وبطلان كلّ منهما ظاهر [الوجه] الرّابع : انّها لو لم تجب لجاز تصريح الامر بجواز تركها والتّالى باطل بيان الملازمة انّ جوازه حينئذ حكم من الاحكام فيجوز بيانه وامّا بطلان التّالى فممّا تشهد الضّرورة به حتّى اعترف به بعض المنكرين حجة النّافين الأصل والجواب انّ الاصل لا يعارض الدّليل وانّه لا دلالة لصيغة الامر على ذلك بواحدة من الثّلاث والجواب ما مرّ من بيان الملازمة وانّه لو استلزم لعصى بتركه وهذا باطل والجواب منع الملازمة وانّه يجوز تصريح الامر والجواب انّ الضّرورة تشهد بخلافه وانّ الامر كثيرا ما يذهل عن المقدمات فيمتنع تعلق طلبه بها والجواب ما مرّ وانّها لو وجبت لوجبت نيتها والجواب منع الملازمة حجّة من خصّها بغير السبب انّ وجوب السّبب ليس محلّ خلاف يعرف بل ربّما نقل الاتفاق عليه وانّ القدرة غير حاصلة مع المسبّبات فيبعد تعلّق التكليف بها وحدها ولا يخفى ضعف الوجهين امّا الاوّل فلان عدم معروفيّة المخالف لا تعويل عليه بل ولا تعويل على نقل الاجماع فى نظائر المقام وامّا الثانى فلانّ مجرد الاستبعاد لا يثبت به الحكم الشّرعى مع انّه جار فى غير السّبب من المقدمات