انّ مدلول الهيئة هو النّسبة الى الزّمان الخاص بان يكون الموضوع له هو النّسبة الخاصّة ويكون نفس الزّمان خارجا الّا انّه يستفاد من اللّفظ من حيث دلالته على النّسبة كما انّ دلالته على فاعل ما كذلك الّا انّه يجب ذكر الفاعل من جهة انّ الخصوصيّة لم تكن ظرفا للنّسبة حتّى يفهم من اللّفظ فلا بدّ من الذّكر بخلاف الزّمان فان ما جعل طرف النّسبة لهيئة الماضي هو زمان الخاص اعنى الماضويّة فلم يكن يحتاج الى ذكر المتعلّق نعم يحتاج الى ذكر خصوصيّة الماضى لاختلاف ازمنة الماضى طولا وقصرا لا يقال فعلى هذا لا يدلّ الفعل على الزّمان مع تصريحهم بالدّلالة قلت قد تقدّم الكلام في الجواب عن ذلك وهو انّ مرادهم بالدّلالة على الزّمان ما ذكرنا وانّ التعريف انّما هو التّحديد لا التّفسير فحاله كحال الإنسان حيوان ناطق ومرادهم من دلالة الهيئة هو انّ استفادة خصوصيّة الزّمان منها فتلخّص مما ذكرنا تقرير انّ لدلالة الفعل على الزمان فتدبّر
[الأمر] الثاني اعلم انّ النّحويّين اجمعوا على ان صيغة الأمر من الأفعال ولم أر مخالفا في ذلك قال جمع منهم في تقسيم الزّمان بالأفعال انّ الماضى يدلّ على زمان الماضى والمضارع يدلّ على زمان الحال والأمر على زمان الاستقبال وقال جمع انّ المضارع يدلّ على زمان الاستقبال وقيل انّه مشترك بين الحال والاستقبال وقد نقلوا الاختلاف في هذا المقام بعد هذا التّصريح فيفيد ان الأمر دلالته على الاستقبال مسلّم قال نجم الأئمّة بعد القول بانّه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال وهو اقوى لأنّه اذا خلا من القرائن لم يحمل الّا على الحال ولا يصرف الى الاستقبال الّا لقرينة وهذا شان الحقيقة والمجاز وايضا من المناسب ان يكون للحال صيغة كما لأخويه انتهى وانت ترى انّ اخويه ليس الّا الماضي والأمر والماضى يدلّ على الماضى بالاتّفاق والأمر هو الّذي يدلّ على الاستقبال ولا يخفى انّ ظاهره يفيد الوفاق وعدم الخلاف في ذلك ومثله عبارة التّفتازاني في شرحه على التّصريف وقال ايضا بعد ذكر ما يختصّ المضارع بالحال ويتخلّص للاستقبال بطرف مستقبل كاضرب غدا ونحوه وباسناده الى متوقّع كتقوم القيمة وباقتضائه طلب الفعل وذلك في الأمر والنّهى والدّعاء والتّخصيص والتّمنّي والتّرجي والامتنان لأن طلب الحاصل محال انتهى قال المحقّق السّيد عليخان في شرحه على الصّمدية عند قول المصنّف او تقترن بالحال فقط وضعا فامر قلت هذا مخالف لما عليه جميع النّحويّين من انّ الأمر مقترن بالاستقبال فقط والّا لزم تحصيل الحاصل انتهى قال بعض المحقّقين من شرح الكافية في شرحه الّذى يدلّ على جلالة قدر صاحبه في العلم ما نصّه قال جار الله العلّامة في المفصّل في المضارع ويشترك فيه الحاضر والمستقبل وقال تلميذا المص هذا مؤذن انّه من الألفاظ المشتركة وابن جنى وغيره يجعلونه حقيقة في الحال مجازا في الاستقبال لأنّهم خصّوا الماضى بفعل والمستقبل بافعل فتعيّن ان يكون المضارع للحال انتهى وظاهره يعطى الوفاق وهذا هو التّفتازاني في المطوّل حيث انّه عبر عن تفسير الطّلب من الإنشاء بانه هو الطّلب لأمر استقبالي وعد منه الأمر والنّهى وفي بالى ان القوم قد محضوا المضارع للاستقبال بدخول احد الأدوات عليه اعنى سين وسوف ولن ولام الأمر ولا اشكال في اتّحاد مدلولى الأمر بالصّيغة والأمر باللّام حتّى ظنّ جماعة انّ الأمر بالصّيغة هو الأمر باللّام على ما سيأتى