فتعين العقاب على ترك المقدّمة لكونه سببا للتّرك انتهى فهو كما ترى يدلّ على صحّة استحقاق العقاب على ترك المقدّمة والجواب انّه يستحق العقاب على ترك الواجب عند ترك المقدّمة ولا يتوقّف على مجيء زمان الواجب غاية الأمر ان ترك الواجب هناك حكمىّ لصيرورة الواجب ممتنعا بسوء اختياره قوله : وعليه ينزل ما ورد في الأخبار من الثّواب على المقدمات او على التّفضيل اقول في ذلك اشارة الى ما استدلّ به القائلون بالاستحقاق حيث انّهم استدلوا به بالآيات والأخبار مثل قوله ومن يخرج عن بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع اجره على الله وقوله وما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ان يتخلّفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بانفسهم من نفسه ذلك بانّهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطأ بغيظ الكفّار ولا ينالون من عدوّ نيلا الّا ما كتب لهم به عمل صالح انّ الله لا يضيع اجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الّا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون وامّا الأخبار فهى كثيرة جدّا منها ما ورد في مقدمات الحج وما ورد في مقدّمات زيارة الحسين سلام الله عليه من انّ لكلّ خطوة اجر كذا الى غير ذلك واجاب المصنّف عنها تبعا للجماعة بوجهين الأوّل انّها محمولة على انّ الثّواب المذكور فيها انّما هو على المأمور به النّفسى حيث صار أشق الأعمال غاية الأمر انّه وزعت على المقدّمات وقد يرد ذلك بما دلّ على ثبوت الأجر في كل خطوة ذهابا وإيابا مع انّ من الواضح انّ الخطوة الإيابيّة ليست من مقدّمات المأمور به النّفسى اللهم الّا ان يقال انّ ظاهر الأخبار ثبوت الثّواب على المقدّمة وان لم يترتّب عليه ذو المقدّمة كما في الآية ومن يخرج عن بيّنة؟؟؟ مهاجرا الى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع اجره على الله وكذلك الأقدام على الزّيارة فلو كان الثواب هو الترتّب على ذى المقدّمة لما كان له مجال في هذه الصّورة الثانى انّها محمولة على التفضّل لا الاستحقاق بل لعلّ ذلك لا يسمّى حملا اذ ليس فيها ما يدلّ على الاستحقاق وانّما وعد الله سبحانه بالأجر والثّواب فيها وهذا اعم من الاستحقاق والأعم لا يكون دليلا على الأخص وحاصل الجواب انّ العقل لما كان مستقلّا بعدم الاستحقاق على فعل المقدّمات فلا بدّ من حمل الظّواهر الدالّة على الاستحقاق بداهة عدم قيام الظّواهر في مقابل العقل المستقل وعدم تمكّن الاستدلال على الظّواهر الظنّية على رد ما استفاده العقل المستقيم وذلك واضح جدّا ولعلّه اشار الى بعض ما ذكر سؤالا وجوابا بقوله فت ويمكن ان يكون اشارة الى عدم حجيّة الأخبار الّا في الأحكام وامّا حجيّتها في اثبات المسائل العلميّة المحضة الّتي لا يترتّب عليها عمل اصلا فلا ألا ترى انّهم يشكّون في الاستدلال بها على ثبوت الموضوعات الثّابتة لها آثار عمليّة فكيف يستدل بها في ما نحن فيه فت جيدا قوله : وذلك لبداهة انّ موافقة الأمر الغيرى الخ اقول هذا اشارة الى الوجه الثّاني للاستدلال على مختاره وحاصله انّ الأمر الغيري انّما شرع للتوصّل بلا تعلّق غرض به وما حاله كذلك ليس لاتيانه بما هو هو