والدليل على شرطيتها الضرورة ، مضافا إلى تقبيح العقل والعقلاء البعث إلى الممتنع ، لما فيه من الظلم أو العبث ، سواء كان امتناعه بالذات كالممتنع والواجب ، أو بالعارض كالأمور التي تكون مقدورة بطبعها للعبد ، ثم يعرض لها الامتناع لقصور في الفاعل ، كالنوم والاغماء والنسيان ، أو فيه من جهة أخرى كما لو اجتمع عليه واجبان مضيقان بسوء اختياره أو بسبب يعذر فيه ، كالنسيان.
وبالجملة القدرة شرط عقلا. فإن كان منشأ الامتناع عجز المولى سمي تكليفا محالا ، وكان التكليف ممتنعا لعدم قدرة المولى عليه ، وان كان منشأ الامتناع عجز العبد مع قدرة المولى على الإرادة والإنشاء سمي تكليفا بالمحال ، وكان ممتنعا لعدم قدرة العبد عليه.
وهل القدرة شرط في أصل التكليف ، فبانتفائها ينتفي الملاك ، أو أنها شرط في تنجزه فبانتفائها ينتفي التنجز ، ويبقى الملاك بحاله.
التحقيق هو التفصيل ، فإن القدرة على ثلاثة انواع لأنها
مرة تكون شرعية.
وأخرى عقلية.
والعقلية مرة تكون من التكليف المحال واخرى من التكليف بالمحال ، فإن كانت من التكليف المحال كانت شرطا في أصل التكليف ومع انتفائها ينتفي الملاك ، لما عرفته في قاعدة (الفرق بين التكليف المحال والتكليف بالمحال) في هذا الكتاب ، من امتناع وجود الإرادة في نفس المولى ، لانتفاء ترجح الممتنع بنظر العاقل الحكيم ، فكيف يريده (١) ..
وإن كانت من التكليف بالمحال كانت شرطا في تنجز التكليف وفعليته ، لا في ملاكه لأن الإرادة من المولى حاصلة ولا قصور فيها ، وانما عرض عارض اوجب عجز العبد عن الجمع بين مرادات المولى.
__________________
(١) هذا معنى لم نشر له هناك. لاحظ ق ٣٠ ص ٧٨ فإنه ينبغي اضافته لذلك المبحث.