ذلك ، فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلّا لما فيه المنفعة والصلاح ، ولم يُحرِّم إلّا ما فيه الضرر والتلف والفساد». (١)
وقال عليهالسلام في وجه حرمة الدم : «إنّه يسيء الخلق ، ويورث القسوة للقلب ، وقلّة الرأفة والرحمة ، ولا يؤمن أن يقتل ولده ووالده». (٢)
وقال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «إنّ مُدْمِن الخمر كعابد الوثن ، ويورث الارتعاش ، ويهدم مروّته ، ويحمل على التجسّر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا». (٣)
هذا من حيث الثبوت ممّا لا شكّ فيه.
إنّما الكلام في إمكان وقوف الفقيه على مصالح الأحكام ومفاسدها التي تدور عليها الأحكام إذا لم يرد فيها نصّ صحيح ، فالحقّ هو التفصيل بين ما اتّفق العقلاء على وجود المصلحة أو المفسدة في الموضوع ، وما إذا لم يكن هناك اتّفاق من عامّة العقلاء ، بل انفرد فيه فقيه واحد ، وإليك البيان :
إذا كان إدراك المصلحة إدراكاً عامّاً يتّفق فيه العقلاء ، كوجود المفسدة في استعمال المخدّرات ، والمصلحة في استعمال اللقاح لصيانة الطفل عن الجُدْري والحصبة حيث أصبح العقلاء متفقين على وجود المفسدة والمصلحة الملزمة ، في ذلك فلا مانع من أن يتّخذ ما أدركه العقل من المصالح والمفاسد ملاكاً لكشف حكم الشرع ، وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل أدرك فقيه واحد أو فقيهان وجود المصلحة في إنشاء حكم ، فهل يصحّ لهما إنشاء حكم وفق ما أدركاه ، ينسبونه إلى الشريعة الإسلاميّة؟ فالجواب هو النفي ، إذ من أين للعقل ، القطع بأنّ ما تصوّره
__________________
(١). مستدرك الوسائل : ٣ / ٧١.
(٢). بحار الأنوار : ٦٢ / ١٦٥ ، ح ٣.
(٣). بحار الأنوار : ٦٢ / ١٦٤ ، ح ٢.