(هؤُلاءِ (١) الَّذِينَ أَغْوَيْنا) : الإشارة إلى أتباعهم من الضعفاء.
فإن قلت : كيف الجمع بين قولهم : (أَغْوَيْناهُمْ) وبين قولهم : ((٢) تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) ، فإنهم اعترفوا بإغوائهم وتبرءوا مع ذلك منهم؟
فالجواب أن إغواءهم لهم هو قولهم لهم بالشرك. والمعنى إنا حملناهم على الشّرك كما حملنا أنفسنا عليه ، ولكن لم يكونوا يعبدونهم ؛ وإنما كان يعبدون غيرهم من الأصنام وغيرها ، فتبرأنا إليك عن عبادتهم لها ؛ فتحصّل من كلام هؤلاء الرؤساء أنهم اعترفوا أنهم أغووا الضعفاء وتبرّءوا من أن يكونوا هم آلهتهم ؛ فلا تناقض فى الكلام. وقد قيل فى الآية غير هذا مما هو تكلّف بعيد.
(هَلْ (٣) لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) : هذا مثل مضروب ، معناه أنكم أيها الناس لا يشارككم عبيدكم فى أموالكم ، ولا يسعون معكم فى أحوالكم ، فكذلك الله لا يشاركه عبيده فى ملكه ، ولا يماثله أحد فى ربوبيته. فذكر حرف الاستفهام ، ومعناه التقرير على النفى ، ودخل فيه قوله (٤) : (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ؛ أى لستم فيه سواء مع عبيدكم ، ولستم تخافونهم كما تخافون الأحرار مثلكم ، لأن العبيد عندكم أقل من ذلك.
(هَلُمَ (٥) إِلَيْنا) هذا من قول المنافقين الذين قعدوا بالمدينة عن الجهاد ، كانوا يقولون لقرابتهم وأخلّائهم من المنافقين : هلمّ إلى الجلوس معنا بالمدينة وترك القتال.
(هَلْ (٦) يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) ؛ أى عاقبة أمره وما يؤول إليه من ظهور ما نطق من الوعد والوعيد.
__________________
(١) القصص : ٦٣
(٢) القصص : ٦٣
(٣) الروم : ٢٨
(٤) الروم : ٢٨
(٥) الأحزاب : ١٨
(٦) الأعراف : ٥٣