والثانى مثل : ((١) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). ((٢) وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ، بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ).
قال الإمام فخر الدين وغيره : إن فواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين ؛ بل تنحصر فى المتماثلة والمتقاربة ، قال : وبهذا يترجح مذهب الشافعى على مذهب أبى حنيفة فى عد الفاتحة سبع آيات من البسملة وجعل صراط الذين ... إلى آخرها آية ؛ فإن من جعل آخر الآية : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات سائر السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة ؛ ورعاية التشابه فى الفواصل لازمة.
السابع ـ كثر فى الفواصل التضمين والإيطاء ؛ لأنهما ليسا بعيبين فى النثر وإن كانا عيبين فى النظم. فالتّضمين أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها ، كقوله تعالى (٣) : [(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ). والإيطاء تكرر الفاصلة بلفظها ؛ كقوله (٤) تعالى :](٥) ـ فى الإسراء : (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً). وختم بذلك الآيتين بعدها (٦).
الوجه الرابع من وجوه إعجازه
مناسبة آياته وسوره وارتباط بعضها ببعض ، حتى تكون كالكلمة الواحدة ، متسقة المعانى ، منتظمة المبانى.
وقد ألف علماؤنا فى أسرارها تواليف كثيرة مهم العلامة أبو جعفر بن الزبير (٧)
__________________
(١) الفاتحة : ٤
(٢) ق : ١ ، ٢
(٣) الصافات : ١٣٧ ، ١٣٨
(٤) الإسراء : ٩٣
(٥) من الاتقان : ١٠٨
(٦) هما الآيتان : ٩٤ ، ٩٥
(٧) هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الأندلسى النحوى الحافظ صاحب كتاب الذيل على الصلة. وذكر السيوطى فى الاتقان أن اسم كتابه فى مناسبات الآى هو «البرهان فى مناسبة ترتيب سور القرآن» توفى سنة ٨٠٧ (الدر الكامنة ١ ـ ٨٤).