قال مقاتل بن سليمان فى صدر كتابه المصنف فى هذا المعنى حديثا مرفوعا : لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة.
قلت : هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبى الدرداء موقوفا ، ولفظه : لا يفقه الرجل كل الفقه. وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معانى متعددة فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ، ولا يقتصر به على معنى واحد.
وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة ، وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر.
وقد أخرجه ابن عساكر من طريق حماد بن زيد عن أيوب ، عن أبى قلابة ، عن أبى الدرداء ، قال : إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها. قال حماد : فقلت لأيوب : أرأيت قوله حتى ترى للقرآن وجوها ؛ أهو أن يرى وجوها فيها بالإقدام عليه؟ قال : نعم ، هو هذا.
وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة ، عن ابن عباس ، عن على بن أبى طالب ، أنه أرسله إلى الخوارج ، قال : اذهب إليهم وخاصمهم ، ولا تخاصمهم بالقرآن ؛ فإنه ذو وجوه ، ولكن خاصمهم بالسنة.
وفى وجه آخر قال له : يا أمير المؤمنين ؛ فأنا أعلم بكتاب الله فى بيوتنا نزل. قال : صدقت ؛ ولكن القرآن حالّ فى وجوه : تقول ويقولون ، ولكن حاجّهم بالسّنن ، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا ؛ فاخرج إليهم فحاجهم بالسنن ، فلم تبق بأيديهم حجة.
وقد منّ الله علينا فى جلب بعض ألفاظ فى هذا المعنى ، وكان هو السبب فى هذا المبنى ، فاشدد بكلتا يديك على هذا الكتاب المسمى إعجاز القرآن