إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب ؛ ومن التراب تدرجت هذه الأحوال.
وكقوله (١) : (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ) فى موضع. وفى موضع (٢) : (تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ) ؛ والجان الصغير من الحيّات ، والثعبان الكبير منها ؛ وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم ، واهتزازها وحركتها [وخفتها](٣) كاهتزاز الجان وحركته وخفّته.
الثانى ـ لاختلاف الموضوع ؛ كقوله (٤) : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ). وقوله (٥) : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) ـ مع قوله (٦) : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ). قال الحليمى (٧) : فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل. والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوءات من شرائع الدين وفروعه. وحمله غيره على اختلاف الأماكن ؛ لأن فى القيامة مواقف كثيرة ؛ ففي موضع : يسألون ، وفى موضع آخر : لا يسألون. وقيل : إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ ، والمنفى سؤال المعذرة وبيان الحجة.
وكقوله (٨) : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ـ مع قوله (٩) : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
__________________
(١) الشعراء : ٣٢
(٢) القصص : ٣١
(٣) من الإتقان والبرهان.
(٤) الصافات : ٢٤
(٥) الأعراف : ٦
(٦) الرحمن : ٤٩
(٧) الحليمى ـ بفتح الحاء : هو عبد الله بن حسن بن الحسن الحليمى الشافعى صاحب المنهاج على شعب الإيمان المتوفى سنة ٤٠٣ (كشف الظنون).
(٨) آل عمران : ١٠٢
(٩) التغابن : ١٦