فصل ـ [٣]
«في أنّ القياس في الشّرع لا يجوز استعماله»
لنا في المنع من استعمال القياس في الشّريعة طريقتان :
إحداهما : أنّه إذا ثبت جواز العبادة به من جهة العقل ، فثبوت العبادة به يحتاج إلى دليل شرعي ، وقد علمنا أنّه ليس في الشّرع دليل على أنّ القياس دين الله تعالى يجوز استعماله ، لا من جهة الكتاب ، ولا من جهة السّنّة المتواتر بها ، ولا من الإجماع.
وإنّما قلنا ذلك : لأنّا قد استقرينا جميع ذلك فعلمنا أنّه ليس فيه ما يدلّ على وجوب العلم بالقياس ، ونحن نذكر المواضع الّتي يستدلّ بها من ظاهر القرآن على وجوب العمل بالقياس ، ونبيّن أنّه لا دلالة في شيء منها.
والسّنّة على ضربين : متواتر وآحاد.
والتّواتر (١) : يوجب العلم الضّروريّ على مذهب الخصم (٢) ، وعلى مذهبنا
__________________
(١) فالتّواتر.
(٢) قال أبو إسحاق الشّيرازي : «يقع العلم بالأخبار المتواترة» ، ونقل الآمدي اتّفاقهم عليه ، ونسبوا للبراهمة والسّمنيّة انّهما قالا : لا يقع العلم بالأخبار المتواترة ، وقال البزدوي في أصوله : «وقال قوم : إنّ المتواتر يوجب علم الطمأنينة لا اليقين ، ومعنى الطمأنينة عندهم ما يحتمل أن يتخالجه شكّ أو يعتريه وهم ، أي إنّ جانب الصّدق يترجّح فيه بحيث يطمئن له القلب ولكن لا ينتفي عندهم توهّم الكذب والغلط». وأمّا المعتزلة فإنّ الجبّائيّان ذهبا إلى أنّ العلم الواقع عند التّواتر ضروري غير مكتسب ، وأمّا أبو القاسم البلخي