ضرورة أن جميع أهل بغداد لا يجوز أن يواطئوا جميع أهل الشام لا باجتماع
ومشافهة ، ولا بمكاتبة أو مراسلة ، على أن التواطؤ فيمن يجوز ذلك عليه من الجماعة
بمشافهة أو مكاتبة أو مراسلة لا بد بمجرى العادة من أن يظهر لمن خالطهم ظهورا
يشترك كل من خالطهم في علمه ، وهذا حكم مستند إلى العادات لا يمكن دفعه.
وأما ما يقوم
مقام التواطؤ من الأسباب الجامعة كتخويف السلطان وما يجري مجراه ، فلا بدّ أيضا من
ظهوره وعلم الناس به ، لأن الجماعة لا تجتمع على الأمر الواحد لأجل خوف السلطان
إلا بعد أن يظهر لهم غاية الظهور ، وما هذه حاله لا بد من العلم به والقطع على
فقده إذا لم يعثر عليه.
وأما ما به
يعلم ارتفاع اللبس والشبهة عن مخبر الخبر الّذي خبرت به الجماعة ، فهو أن تخبر
الجماعة عن أمر مدرك إما بمشاهدة ، أو بسماع ، ويعلم انتفاء أسباب اللبس والشبهة
عن ذلك المخبر ، فإن أسباب التباس المدركات معلومة محصورة يعلم انتفاؤها حيث ينتفي
ضرورة.
وأما ما به يعلم ثبوت الشرائط التي ذكرناها في الطبقات التي
تروي الخبر ، فهو أن العادات جارية بأن المذاهب أو الأقوال التي تقوى بعد ضعف ،
وتظهر بعد خفاء ، وتوجد بعد فقد لا بد أن يعرف ذلك من حالها ، ويفرق العقلاء
المخالطون لأهلها بين زماني فقدها ووجودها ، وضعفها وقوتها ، ولهذا علم الناس كلهم
ابتداء حال الخوارج ،
__________________