فصل ـ [٩]
«في ذكر جملة من أحكام الشّرط ، وتخصيص العموم به» (١)
اعلم أنّ من حكم (٢)* الشّرط ألّا يدخل إلّا على المنتظر إمّا لفظا أو تقديرا ، لأنّ ما وجد ممّا قد قضى ، أو وجد في الحال لا يصحّ دخول الشّرط فيه.
ومن حقّه أن يخصّ المشروط ، إلّا أن يقوم دليل على أنّه دخل للتأكيد (٣) فيحمل عليه ، ويخرج في المعنى من أن يكون شرطا.
فأمّا ما يخصّ المشروط فنحو قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً)(٤) ، ونحو قوله : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)(٥).
ولا فرق بين أن يكون الشّرط متقدّما أو متأخّرا في أنّه يخصّص المشروط.
__________________
(١) إنّ الشّرط لا يخصّص العموم من ناحية تأثيره في تقليل ونقصان عدد المشروط كالاستثناء ، وإنّما يخصّص المشروط بشكل آخر وهو الأحوال فإنّ قول القائل : (أكرم العلماء إنّ دخلوا الدار) يعمّم الحكم لجميع العلماء ، ولكن يخصّص إكرامهم بحال دخول الدّار لا مطلقا.
(٢) * في الذريعة : «من حقّ الشّرط» ، والمراد من شأنه والغالب فيه ، لأنّ الماضي لا يخصّه في محقّق الوجود ، بل قد يكون محقّق العدم كقوله تعالى : (لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) ، وقد يكون مشكوكا فيه كقولك : «إن كان وجد أمس في الدّار دخان وجد نار فيها».
(٣) كأن يقول : (أكرم القوم أبدا ، إن استطعت).
(٤) النساء : ٤٣.
(٥) المجادلة : ٤.