فأجابه من أبيات قائلا :
وجوابه إنّ الكفور ولو أتى |
|
بقليل كفر كان ذاك مكثّرا |
بخلاف من شكر الإله فإنّه |
|
بكثير شكر لا يعدّ مكثّرا |
فإذن مراعاة التوازن ههنا |
|
محظورة لمن اهتدى وتفكّرا |
ـ ومن ذلك : قوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (١).
كيف عبّر إلى نوح وإبراهيم بالوصية ، وإلى نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم بالوحي؟
وكيف جاء لهما بالموصول «ما» ولنبيّنا ب «الذي»؟
قال العلامة البقاعي : ولما كان الإعجاز خاصا بنا أبرزه في مظهر العظمة معبّرا بالوحي ، وبالأصل في الموصولات ، ودالا على زيادة عظمته بتقديمه على من كانوا قبله ، مع ترتيبهم عند ذكرهم على ترتيبهم في الوجود فقال : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) وأفرد الضمير زيادة في عظمته ، ودلالة على أنّه لا يفهمه حقّ فهمه غير النبي صلىاللهعليهوسلم ، ودلّ على عظمة ما كان لإبراهيم وبنيه بما ظهر من آثاره بمظهر العظمة ، وعلى نقصه عمّا إلى نبيّنا صلىاللهعليهوسلم بالتعبير بالوصية فقال : (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى.) ولمّا اشتدّ تشوف السامع إلى الموحى الموصى به ، وأبرزه في أسلوب الأمر فقال مبدلا من معمول «شرع» أو مستأنفا : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٢).
ـ ومن ذلك : ما حكي أنّ أبا يوسف القاضي دخل على الخليفة وعنده الكسائي فقال له : لو تفقّهت يا كسائي كان أنبل بك.
__________________
(١) سورة الشورى : آية ١٣.
(٢) انظر نظم الدرر ١٧ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.