ومنها : قوله في التزويج ـ إذا قال الوليّ : زوّجتك فلانة ، فقال المزوّج : قد قبلتها ـ : إنّ ذلك ليس بنكاح حتى يقول : قد تزوجتها ، أو قبلت تزويجها.
قال : ومعلوم أنّ الكلام إذا خرج جوابا فقد فهم أنّه جواب عن سؤال. قال الله جلّ وعزّ : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ قالُوا نَعَمْ) (١).
وقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى) (٢) ، فاكتفى من المجيبين بهذا ، وما كلّفوا أن يقولوا : بلى أنت ربنا.
ومنها : قوله ـ في قول الله جلّ وعزّ : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) ـ (٣) : أي : لا يكثر من تعولون ، والعرب تقول في كثرة العيال : أعال الرجل ، فهو معيل.
ـ ونحن نذكر بعون الله تعالى بعض الأمثلة التي تبيّن لنا مدى توقّف فهم القرآن على العربية ، ولو جاء حرف مكان حرف لا ختلّ المعنى ، وفسد التركيب.
فمن ذلك : قوله تعالى في سورة البقرة : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ.) [آية ١٢٠].
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمهالله تعالى :
إن قلت : ما الحكمة في ذكر «الذي» هنا ، وذكر «ما» في قوله بعد : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (٤).
وفي الرعد : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا ، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ.) [آية ٣٧].
__________________
(١) سورة الأعراف : آية ٤٤.
(٢) سورة الأعراف : آية ١٧٢.
(٣) سورة النساء : آية ٣.
(٤) سورة البقرة : آية ١٤٥.