بلا نقص واحد منها ، واما عدمه فكما يحصل بترك الاجزاء عامة ، كذلك يحصل بترك أي جزء منه ، ومن ذلك يعلم ان ليس للمركب إعدام ، لأن نقيض الواحد واحد ، بل له عدم واحد ، ولكنه تارة يستند إلى ترك الكل ، وأخرى إلى جزء منه ، (فحينئذ) فلو ترك المكلف المركب من رأس أو الاجزاء المعلومة أي الأقل فقد ترك المركب فيكون معاقبا على ترك المأمور به بلا عذر ، واما لو أتى بالاجزاء المعلومة (الأقل) ، وترك الجزء المشكوك فيه بعد ما فحص واجتهد ولم يعثر على بيان من المولى بالنسبة إليه وفرضنا وجوب الأكثر في نفس الأمر ، فقد ترك في هذه الحالة أيضا المأمور به ، ولكن لا عن عصيان بل عن عذر ، وبالجملة ان الفرق بين الأولين والثالث واضح جدا ، فان المكلف وان ترك المأمور به في الجميع ، إلّا انه ترك في الأولين (ترك الاجزاء من رأس ، وترك الاجزاء المعلومة عصيانا للمولى ، لأن تركه للاجزاء عين تركه للمأمور به فيعاقب على تركه بلا عذر ولا حجة وهذا بخلاف الثالث ، فان المأمور به وان كان متروكا إلّا ان الترك عن عذر وهذا المقدار كاف في لزوم الإتيان بالأقل عند العقل على كل حال ، بخلاف المشكوك فيه.
وبعبارة أخرى ان المكلف حين ترك الأقل ، واقف على ترك الواجب تفصيلا اما لأن الواجب هو الأقل الّذي تركه ، أو الأكثر الّذي يحصل تركه بترك الأقل ، فيجب الإتيان به على كل حال ، وما ذكره القائل من ان ترك الأقل ليس بحرام على كل حال غير تام ، لأن ترك الأقل لما كان تركا بلا عذر ، يجب الإتيان به للعلم بان في تركه عقابا على أي جهة كان ، وهذا كاف في الانحلال.
وثانيا : ان ما يلزم على العبد ، هو تحصيل المؤمن القطعي من العقاب الّذي هو مستند البراءة العقلية ، ولا يتحقق المؤمن القطعي الا في مورد يكون العقاب قبيحا على المولى الحكيم ، لامتناع صدور القبيح منه ، (فحينئذ) فلو علم أو احتمل العقاب يجب عليه الإطاعة والاحتياط وان كان الاحتمال ضعيفا لأن تمام الموضوع للاحتياط هو احتمال العقاب لا غير (وعليه) فلو دار التكليف بين كونه مما يعاقب عليه