ملحوظة في تلك
الأدلة لأن الحكم مجعول على العناوين الكلية وهو مقدم على التزاحم الواقع بين
الافراد ، برتبتين ، رتبة تعلق الحكم بالعناوين ورتبة فرض ابتلاء المكلف بالواقعة
وما له هذا الشأن من التقدم لا يتعرض لحال ما يتأخر عنه برتبتين (والحاصل) ان
التزاحم بين وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، ووجوب الصلاة حيث يتحقق ، متأخر عن
تعلق الحكم بموضوعاتها وعن ابتلاء المكلف بالواقعة ، المتزاحم فيها ولا يكون
الأدلة متعرضة لحاله فضلا عن التعرض لعلاجه إذ قد تقدم ان المطلق لا يكون ناظرا
إلى حالات الموضوع في نفسه فضلا عن حالاته مع غيره ، وعن طرو المزاحمة بينهما فضلا
عن ان يكون ناظرا إلى علاج المزاحمة ، (هب) انا أغمضنا عن ان علاج المزاحمة متأخر
رتبة عن جعل القانون بمراتب ، إلّا انه لا يمكن الإغماض عن ان الأمر له مادة وهيئة
ولا دلالة لشيء منهما على الافراد الخارجية على ما حرر في محله ، فاذن بأي دال
استفيد الفرد المزاحم بغيره ، أم بأي شيء عولج ذلك التزاحم مع ان كلها خارجة من
مدلول الأمر ولا يمكنه ان يتكفلها بعد كون معناه محدودا في البعث إلى الطبيعة.
فاتضح بطلان
اشتراط المهم بعصيان الأهم الّذي يبتنى عليه أساس الترتب لأن المراد من الشرطية ان
كان انه شرط شرعا فقد عرفت انه لا يمكن ان يكون مفاد الأدلة ، لأن الحاكم ، في
مقام إلقاء الحكم لا يتوجه الا إلى إنشائه لا إلى تصحيح علاج المزاحمة لأنه متأخر
عنه كما تقدم على انك قد عرفت انحصار مفاد الأمر فيما مر و (اما كون) العقل كاشفا
عن اشتراطه شرعا أو كونه حاكما بذلك فسيجيء الكلام فيه.
الرابعة انك إذا تتبعت كلمات الاعلام في تقسيم الحكم إلى مراتبه
الأربعة تجد فيها ما لا يمكن الموافقة معه ، إذ قد عدوا منها ما هو من مبادئ الحكم
وملاكاته كالمصالح والمفاسد التي يعبر عنها بمرتبة الاقتضاء ، كما قد عدوا منها ما
هو من أحكام العقل بعد تمامية الحكم أعني التنجيز لأنه حكم عقلي غير مربوط بمراتب
الأحكام المجعولة ، ومعنى تنجزه قطع عذر المكلف في المخالفة وعدم كونه معذورا من
غير تبديل وتغيير في الحكم ولا الإرادة ، وأعجب منه كون حكم فعليا في ساعة
وإنشائيا في أخرى ، وفعليا في حق شخص وإنشائيا في حق آخر إلى غير ذلك مما يدمغه
البرهان وحكم العقل بامتناع تغير الإرادة في حق الشارع بل ولا يناسبه القوانين
العقلائية عالمية كانت أو غيرها ، فإذا انحصر