وقد أسس وبنى أحد جوامع جدة قرا مصطفى باشا الذى تولى الصدارة سنة ١٠٥٣. وبنى الجامع الآخر فى سنة ١١٣٤ والى جدة والحبشة بكر باشا.
ومازال جامع بكر باشا معمورا إلى اليوم ويشتهر بكثرة جماعته ، والجامع المنسوب لقرا مصطفى باشا يعرف الآن باسم (جامع الإمارة) ، وقد بنى حمام جدة وأحد خاناتها قارا مصطفى باشا أيضا وهما من جملة خيراته.
إن أكثر منازل جدة ـ كما سبق توضيحه ـ مبنية نصفها من الطوب وأكثرها ذو طابقين ، وقد بنى الطابق الأول وفق الهندسة والطراز الهندى ونوافذها دون زجاج وأطر ، لذا فمن الصعب الجلوس فيها نتيجة للغبار المثار فى الطرقات.
وأهالى جدة عامة يحبون العمل وأغلبهم أغنياء ، ويشتغلون بجميع أنواع التجارة ، قد اكتسب ميناء جدة من حيث التنظيم الشهرة ، والأهمية الطبيعية فى عهد سلطاننا حتى أصبح الميناء الأول للبحر الأحمر ، والمدينة الأولى كما أنه ملجا وملاذ السفن التى تسير فى خليج السويس.
وكافة أهاليها غير نصفة من الأوروبيين وغير مسلمين. ويتاجر بعضهم بالهند والمستعمرات الأجنبية الأخرى ، وبعضهم (١) بأعالى الحبشة ، وسواكن ، ومصر وزنجبار وسومطرة ، جاوا اليابان ، الصين ، الأناضول ، والروملى ، وسوريا ، وبلاد المغرب ، نجد ، اليمن ، العراق ، البحرين ، مسقط ، أوربا ، روسيا وإيران) لذا لا ينقطع سيل السفن التى تأتى من جميع الجهات.
ولما كانت الصخور المرجانية كثيرة فى الميناء فالدخول فى الميناء يشكل صعوبة وخطورة ، لذلك لا يمكن للسفن الأجنبية الدخول فى الميناء بدون الاسترشاد بالأدلاء المحليين ، ولا سيما عند ما تبدأ المياه تظلم بعد العصر يصبح الدخول فى الميناء مستحيلا. ويروى أن كثيرا من السفن التى تجرأ ربّانوها المشئومون على الدخول فى الميناء تعرضوا للمخاطر ، لأن ميناء جدة يتشكل من الصخور المرجانية
__________________
(١) ومن بين هؤلاء : «محمد يوسف باناجى ، محمود خونجى ، عبد القادر حاجوم ، موسى البغدادى» من الذين لهم معاملة تجارية بلندن ، كما أن بيت البنان وسيد عمر سقاف من الذين اشتهروا فى تجارة جدة.