قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الوجيز

116/448
*

(رَأَيْتَ) يا محمد (الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) أي يعرضون عنك.

٦٢ ـ ٦٣ ـ (فَكَيْفَ) صنيع هؤلاء (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) نالتهم من الله عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بما كسبت أيديهم من النفاق (ثُمَّ جاؤُكَ) يا محمد (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) يقسمون (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً) أي ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلّا التخفيف عنك ، فإنا نحتشمك برفع الصوت في مجلسك ، ونقتصر على من يتوسط لنا برضاء الخصمين دون الحكم المورث للضغائن (وَتَوْفِيقاً) بينهم بالتماس التوسعة دون الحمل على مرّ الحكم ، وأراد بالتوفيق : الجمع والتأليف (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الشرك والنفاق والخيانة (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي لا تعاقبهم (وَعِظْهُمْ) بلسانك (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) معناه : فاعرض عن قبول الإعتذار منهم ، وعظهم مع ذلك ، وخوفهم بمكاره تنزل بهم في أنفسهم إن عادوا لمثل ما فعلوه.

٦٤ ـ ثمّ لامهم سبحانه على ردهم أمره ، وذكر ان غرضه من البعثة الطاعة فقال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ) أي لم نرسل رسولا من رسلنا (إِلَّا لِيُطاعَ) عني به ان الغرض من الارسال أن يطاع الرسول ، ويمتثل بما يأمر به ، وإنما اقتضى ذكر طاعة الرسول هنا ان هؤلاء المنافقين الذين يتحاكمون إلى الطاغوت زعموا انهم يؤمنون به واعرضوا عن طاعته ، فبين الله انه لم يرسل رسولا إلا ليطاع وقوله (بِإِذْنِ اللهِ) أي بأمر الله الذي دل به على وجوب طاعتهم (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) أي بخسوها حقّها بإدخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب ، وتفويت الثواب بفعل الطاعة (جاؤُكَ) تائبين مقبلين عليك ، مؤمنين بك (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) لذنوبهم ، ونزعوا عما هم عليه (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) أي سألت الله ان يغفر لهم ذنوبهم (لَوَجَدُوا اللهَ) لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم ، ورحمته إياهم (تَوَّاباً) أي قابلا لتوبتهم (رَحِيماً) بهم في التجاوز عما قد سلف منهم. وفي الآية دلالة على أن مرتكب الكبيرة يجب عليه الاستغفار ، فإن الله سيتوب عليه بأن يقبل توبته ، ويدل أيضا على أن مجرد الإستغفار لهم الرسول ما لم مصرا على المعصية ، لأنه لم يكن ليستغفر لهم الرسول ما لم يتوبوا ، بل ينبغي أن يتوب ويندم على ما فعله ، ويعزم في القلب على ان لا يعود أبدا إلى مثله ، ثم يستغفر الله باللسان ليتوب الله عليه.

٦٥ ـ ثمّ بيّن الله ان الإيمان إنما هو بالتزام حكم رسول الله ، والرضاء به فقال : (فَلا) أي ليس كما تزعمون انهم يؤمنون مع محاكمتهم إلى الطاغوت (وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) أقسم الله ان هؤلاء المنافقين لا يكونون مؤمنين ، ولا يدخلون في الإيمان (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي حتى يجعلوك حكما أو حاكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي فيما وقع بينهم من الخصومة ، والتبس عليهم من أحكام الشريعة (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) أي في قلوبهم (حَرَجاً) ضيقا بشك أو إثم (مِمَّا قَضَيْتَ) أي حكمت (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي ينقادوا لحكمك إذعانا لك ، وخضوعا لأمرك.

٦٦ ـ ٦٨ ـ ثم أخبر سبحانه عن سرائر القوم فقال : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا) أي أوجبنا (عَلَيْهِمْ) أي على هؤلاء الذين تقدّم ذكرهم (أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ) كما أوجبنا على قوم موسى والزمناهم ذلك فقتلوا أنفسهم ، وخرجوا إلى التيه (ما فَعَلُوهُ) أي ما فعله هؤلاء للمشقة التي لا يتحملها إلا المخلصون (إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) المراد بالآية جماعة من أصحاب رسول الله قالوا : والله لو أمرنا لفعلنا ، فالحمد لله الذي عافانا ، ومنهم عبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر فقال النبي : ان من أمتي لرجالا الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي