أي : على هذه الفتنة أم لا تصبرون فيزداد غمّكم ، لأنّ في القول دليلا على هذا.
(وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً). (٢٠)
في اختلاف المعايش.
ويقال : إنّ بعض الصالحين تبرّم برزاحة حاله ، وضنك عيشه ، فخرج ضجرا إلى السوق ، فرأى أسود خصيّا في موكب عظيم وزينة ظاهرة ، فوجم لبعض ما خطر في قلبه ، فإذا بإنسان قرأ عليه : «وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون». أتصبرون؟ فتنة!. وازداد تبصرا وتصبّرا.
ـ الجزء التاسع عشر ـ
(لا يَرْجُونَ لِقاءَنا).
لا يخافون.
وإنما جاز يرجو في موضع يخاف ، لأنّ الراجي للشيء قلق فيما يرجوه ، فمرّة يشتد طمعه فيصير كالآمن ، ومرّة يضعف فيصير كالخائف.
قال الهذلي :
٨٢٦ ـ تدلّى عليها بالحبال موثّقا |
|
شديد الوصاة نابل وابن نابل |
٨٢٧ ـ إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها |
|
وخالفها في بيت نوب عوامل (١) |
أي : لم يخف.
(وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً). (٢٢)
كان الرجل في الجاهلية يلقى رجلا يخافه في أشهر الحرم. فيقول : حجرا محجورا. أي : حراما محرّما عليك قتلي في هذا الشهر ، فلا تبدأ
__________________
(١) البيتان لأبي ذؤيب الهذلي ، وهما في شرح ديوان الهذليين ١ / ١٤٣. والثاني في تفسير القرطبي ١٣ / ١٩ ومعاني القرآن للفرّاء ٢ / ٢٦٥ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٧٣ ؛ والوصاة : الوصية ، والنابل : الحاذق.