ـ وابن بحر يحمل الآية على الشرائع المنسوخة كما مرّ قريبا ، فيردّ المصنف عليه قائلا :
* وعلى أنّ الآية إذا أطلقت فهم بها آيات القرآن ، وعلى أنّه إذا لم يمتنع نسخ ما تقدّم من الكتب بالقرآن لا يمتنع نسخ بعضه ببعض.
* وعلى أنّ نسخ القبلة الأولى ، وثبات الواحد لعشرة ، والتخيير في الصوم ، وتقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول ، ومهادنة المشركين ، وإتيان الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ، وعدّة المتوفى عنها زوجها إلى الحول ، كلّها في القرآن.
فنجد أنّ المؤلف احتجّ باللغة والقياس والنص.
أمّا باللغة فإنّ المعنى المتبادر إلى الذهن هو أمارة الحقيقة ، وحمل النص على الحقيقة أولى من حمله على المجاز ، ولا يصح صرفه إلى المجاز إلا إذا تعذّر المعنى الحقيقي كما هو مقرّر في كتب الأصول واللغة.
فلذا قال المؤلف : إن الآية إذا أطلقت فهم بها آيات القرآن.
وأمّا بالقياس حيث قاس نسخ الجديد ـ وهو بعض الآيات ـ على نسخ القديم ـ وهو الشرائع السابقة ـ فإذا جاز هذا جاز الآخر.
وأما النص ، فقد عرض للآيات المنسوخة في القرآن ، وإن كان الخصم لا يسلّم بها.
ـ وعند قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). [البقرة : ٢٤٠].
يحمل ابن بحر على تأويل يبطل به النسخ.