ويجوز الحمل على كراهيتهم ما قاله الرسل ، كما يقال لمن سحره استماع شيء :
ردّ يده إلى صماخه ، وجعل أصبعه في أذنه.
قال الله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ).(١)
قال ابن ناعصة الأسدي (٢) :
٦١٦ ـ وحصا المنادح من حماها |
|
يردّ بها البنان إلى الصّماخ |
٦١٧ ـ فقلنا «ها» فأنجدنا قراها |
|
بنعمانا إلى العيش الرّخاخ (٣) |
(مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ). (١٦)
أي : من ماء مثل الصديد : فاختصر ، كقولك : فإذن أسد.
وقيل : من ماء يصدّ الصادي عنه لشدته وكراهيته.
(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ). (١٧)
أي : أسبابه من جميع جسده ، كأنّ من تحت كل منبت شعرة منبع ألم.
وقيل : من جهاته الست.
(يَوْمٍ عاصِفٍ). (١٨)
أي : عاصف الريح ، فاكتفى بدلالة الحال.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٩.
(٢) وهو أسد بن ناعصة التنوخي الأسدي شاعر جاهلي قديم له في أشعاره ألفاظ غريبة وحشية ، ذكر صاحب العين أنّ شعره لا يكاد يفسر إلا بالشدة. وادعى ابن ناعصة أنه قاتل عنترة العبسي. راجع معجم الشعراء ص ١٩٤.
(٣) نعمان : واد بين مكة والطائف ، ورخاخ العيش : خفضه ورغده وسعته ، ويوصف به فيقال : عيش رخاخ. أي : واسع ناعم ، وفي الحديث : [يأتي على الناس زمان أفضلهم رخاخا أقصدهم عيشا»] راجع اللسان مادة : رخخ. والمنادح : المفاوز ، والنّدح : بكثرة.