وقال الرماني :
التّقدير : بل الإنسان على نفسه من نفسه بصيرة جوارحه شاهدة عليه يوم القيامة .
قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى
رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣]
النّاضرة :
النّاعمة الحسنة البهجة ، وهو قول الحسن ، وقال مجاهد : مسرورة .
و (ناظِرَةٌ) : مبصرة ، ودخول (إِلى) يدل على أن (ناظِرَةٌ) بمعنى : مبصرة ؛ لأنه لا يقال : نظرت إليه ، بمعنى :
انتظرته ، وأما من زعم أن المعنى : ثواب ربها منتظرة ، فليس بشيء ؛ لأنّ الله تعالى أخبر أنّهم في النّعيم والنّضرة بقوله
: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ ،) ولا يقال لمن كان في النّعيم : هو منتظر للثواب ؛ لأنّ
النّعيم هو الثّواب.
وقد حمل قوما
تعصبهم أن زعموا أنّ (إِلى) واحد (الآلاء) ، وليست بحرف ، وكأنّ التّقدير : نعمة
ربها ناظرة ؛ لأنّ الآلاء : النّعم ، وهذا لا يجوز لما قدمنا ذكره من أنه من كان
في النعيم فلا يقال : هو منتظر النعم.
وقد تناصرت
الأخبار بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ، وهي مشهورة في أيدي الناس ، مع
دلالة قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥] ؛ لأنه لو كان غيرهم محجوبا [١١٠ / و] لما كان في ذلك طردا
لهم ولا تعنيفا ؛ لأن المساواة قد وقعت ، فإذا كان أعداء الله محجوبين عنه ،
فأولياؤه غير محجوبين.
قوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) [القيامة : ٢٩].
(السَّاقُ) : الشدة ، يقال : قامت الحرب على ساقها ، أي : على شدة ، وأصله : أنّ الإنسان إذا عانى أمرا شديدا كشف عن ساقه
، ومنه قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ
ساقٍ) [القلم : ٤٢] ، أي : عن شدة ، قال الراجز :
__________________