المبحث الأول
موقفه من البصريين
والكوفيين
أولا ـ موقفه من البصريين :
من خلال إطلاعي
على آراء المجاشعي في هذا الكتاب ، وجدت الغالب في مباحثه شيوع الآراء البصرية
التي ارتضاها وأيدها ، وشرح بعضها أو زاد عليها ، أو وقف منها موقف الحياد ، أو
معارضا أحيانا. ويمكن أن نستعرض بعض الأمثلة التي تبين الاتفاق والاختلاف وعلى
النحو الأتي :
أ ـ من أمثلة الاتفاق مع البصريين :
١ ـ اشتقاق
الاسم : اختلف البصريون والكوفيون في اشتقاق الاسم ، فذهب البصريون إلى أنّه من (السّمو)
؛ لأنّه سما من مسمّاه ، فبينه وأوضح معناه.
وذهب الكوفيون
إلى أنه من (السّمة) ؛ لأنّ صاحبه يعرف به. وقول البصريين أقوى في التّصريف ، وقول
الكوفيين أقوى في المعنى.
فممّا يدلّ على
صحّة قول البصريين قولهم في التّصغير : (سميّ) ، وفي الجمع :
(أسماء) وجمع
الجمع : (أسام) ، ولو كان على ما ذهب إليه الكوفيون ، لقيل في تصغيره :
(وسيم) ، وفي
جمعه : (أوسم) وفي امتناع العرب من ذلك دلالة على فساد ما ذهبوا إليه .
٢ ـ ارتفاع
الاسم بعد (إن) الشّرطية : ذهب البصريون إلى أن الاسم الواقع بعد (إن) الشرطية
يرتفع بتقدير فعل يفسره الفعل الظاهر بعده ؛ لأنه لا يجوز أن يفصل بين الحرف
والفعل باسم لم يعمل فيه ذلك الفعل.
ولا يجوز عندهم
أن يكون الفعل الظاهر عاملا فيه ؛ لأنه لا يتقدّم ما يرتفع بالفعل ، فلو لم يقدر
ما يرفعه ليبقى الاسم مرفوعا بلا رافع وذلك لا يجوز ، أما الكوفيون فيذهبون إلى أن
الاسم يرتفع ما عاد إليه في الفعل ، من غير تقدير فعل ؛ لأنّ الضمير المرفوع في
الفعل هو الاسم الأول ، فينبغي أن يكون مرفوعا به .
__________________