نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) [الأعراف : ١٨٧]. فهذه خمسة أقوال للعلماء.
ويقال : ما معنى : (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ)
والجواب : أنهم يحتجون به على باطلهم (١).
فإن قيل : ففيمن نزلت؟
والجواب : نزلت في وفد نجران لما حاجوا النبي صلىاللهعليهوسلم في عيسى بن مريم عليهالسلام ، فقالوا :
أليس هو كلمة الله وروحا منه ، فقال : بلى ، وقالوا : حسبنا ، فأنزل الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) [آل عمران : ٧] ثم أنزل : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ)(٢) [آل عمران : ٥٩].
وقيل : بل كل من احتج بالمتشابه لباطله ، فالآية فيه عامة ـ كالحرورية والسبئية ، وهو قول قتادة (٣).
ومما يسأل عنه الملحدون هذه الآية ، وذلك أنهم يقولون : لم أنزل في القرآن المتشابه والغرض به هداية الخلق؟
والجواب : أنه أنزل للاستدعاء إلى النظر الذي يوجب العلم دون الاتكال على الخبر من غير نظر ، وذلك أنه لو لم يعلم بالنظر أن جميع ما أتى به النبي عليهالسلام حق لجوّز أن يكون الخبر كذبا وبطل دلالة السمع (٤).
فصل :
ومما يسأل عنه أن يقال : ففي أي شيء يقع المتشابه؟
قيل : في أمور الدين ، كالتوحيد ونفي التشبيه (٥) ، ألا ترى أن قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤] يحتمل في اللغة أن يكون كاستواء الجالس على سريره ، ويحتمل أن يكون بمعنى القهر والاستيلاء (٦) ، كما قال الشاعر :
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ٣ / ٢٤١ ، وتفسير القرآن العظيم : ١ / ٣٥٣ ، وفتح القدير : ١ / ٣١٥.
(٢) جامع البيان : ٣ / ٢٤٢ ، وأحكام القرآن : ٢ / ٧ ، وأسباب نزول الآيات : ٦٧.
(٣) التبيان في تفسير القرآن : ٢ / ٣٩٩ ، ومجمع البيان : ٢ / ٢٤١. الحرورية : الخوارج. والسبئية : أتباع عبد الله بن سبأ.
(٤) وضح هذا السمرقندي في بحر العلوم : ١ / ٢٤٧ ، والزركشي في البرهان : ٢ / ٧٥ ، والزرقاني في مناهل العرفان : ٢ / ٢٠٣.
(٥) ينظر دفع شبه التشبيه : ١٢١ ، وصفات الرب جل وعلا : ٢٦.
(٦) ينظر الصحاح : ٦ / ٢٣٨٥ (سوا) ، واللسان : ١٤ / ٤١٤ (سوا).