فيما استدلوا به على نفى اعتبار العقل (١)
ثم انه قد استدلوا على نفى اعتبار العقل بوجوه :
منها ـ قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الاسراء : ١٥]
دل على نفى التعذيب قبل تبليغ الرسول ، حتى فيما يستقل به العقل وانتفاء العذاب يكشف عن عدم الحكم.
وفيه اولا ـ ان الظاهر من الآية سيما بملاحظة سياقها انتفاء العذاب الدنيوى قبل بعث الرسول وهو كذلك ، لان الظاهر انه مما يترتب على تكذيب الرسل مع ان الآية قابلة للتخصيص بما لا يستقل فيه العقل لاجل ما ذكرنا من الدليل كيف واستقلال العقل باستحقاق الثواب والعقاب على بعض الافعال مما لا مجال لانكاره كما ذكرنا سابقا.
وقد يجاب عن الآية بوجوه أخر مثل ان الرسول اعم من الظاهر والباطن وان بعث الرسول كناية عن مطلق التبليغ من باب ذكر المقيد وارادة المطلق لغلبة تحقق ذلك المطلق فى ضمن هذا المقيد ، كما فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة : ٩]
حيث ان السعى يجب بدخول الوقت لابتداء المنادى ، وان الآية انما يدل على نفى تحقّق العذاب فعلا قبل البعث فلا ينافى ثبوت الاستحقاق مع البيان
__________________
(١) ـ انظر : مطارح الانظار ص ٢٤١ ـ الفوائد المدنية : للمولى محمد امين الاسترآبادى