وبعبارة أخرى : هذا إنما يتصور في ثنائي الاحتمال ، أحدهما موافق للعامة والآخر مخالف لهم ، كما إذا دار الأمر بين نقيضين ، مثلا رواية الجواز ورواية عدم الجواز ، أو من باب الضدين لا ثالث لهما ، كالحلال والحرام ، فحينئذ يمكن أن يقال : أن الأخذ بخلاف العامة يكشف عن الواقع ، ولكن إذا تعدد احتمال الموافق للواقع ، كما إذا ورد رواية في وجوب شيء وكانت العامة يفتون بما يوافق مضمونها ، واحتمل في الواقع أحد الاحتمالات الأربعة أعني الحرمة ، والاباحة ، والكراهة والاستحباب ، فإذا أخذنا الخبر المخالف فمن أين يحرز الواقع وهو مردد بين أربعة أحكام؟ فلا معنى لكونها من المرجحات المضمونية التي توجب رجحان مضمون الخبر ، لأن كلا من الاحتمالات الأربعة خلاف الوجوب.
وعلى هذا (وجوده) أي وجود الراجح (في محتملاته) أي في المحتملات الواقعية (لا ينفع في الكشف عن الحق) لأن الحق مستور بينها ، والمخالف للعامة مثلا أمور أربعة ، فمن أين يتعين الواقع؟
(نعم) خلاف العامة انما (ينفع في الابعدية عن الباطل ، لو علم او احتمل غلبة الباطل على أحكامهم) أي العامة (وكون الحق فيها) أي في أحكامهم (نادرا) لأن غلبة البطلان توجب صيرورة المخالف أقرب إلى الحق وأبعد عن الباطل ، بمعنى أن المحتملات الأربعة بالنسبة إلى رواية الوجوب ، أبعد من البطلان ، وهذا مشروط على أن نبني على كثرة مخالفتهم للواقع للعلم بأن جميع أحكام العامة ليست مخالفة للحق فلا بد من حمله على الغلبة فانها غير منكرة ، فالريب الذي يحصل في الموافق لهم أكثر بالنسبة إلى ما عداه من المحتملات فيكون الخبر المخالف من هذه الجهة أبعد عن الباطل.
(ولكنه) أي ولكن كون مخالفة احكامهم غالبا (خلاف الوجدان ، ورواية أبي بصير المتقدمة) الدالة على ذلك (وان) وقع النكرة في قولة «ع» : على شيء ، في سياق النفي ، وهو يفيد العموم ، مضافا بأنه (تأكد مضمونها) أي