(وإذا أطلع المجتهد على دليل) لقيام الخبر على حرمة العصير اذا نش (١) (يكشف عن الحكم الواقعي) فلا يجري الأصل (فإن كان) الدليل الاجتهادي (بنفسه يفيد العلم) والمراد به ، هو : التصديق كقيام الخبر المتواتر ـ مثلا ـ بحرمة عصير العنبي بعد الغليان وقبل ذهاب الثلثين (صار) المجتهد (المحصل) بكسر الصاد (له) أي الدليل (عالما ، بحكم العصير ـ مثلا ـ فلا يقتضي الأصل حليّته) تمسّكا بقوله عليهالسلام : كل شيء لك حلال (لأنّه) أي الأصل (انما اقتضى حلية مجهول الحكم ، فالحكم بالحرمة) بمقتضى قيام الخبر المتواتر (ليس طرحا للأصل ، بل هو) أي الأصل (بنفسه غير جار ، وغير مقتض ، لأن موضوعه) أي الأصل (مجهول الحكم) ولكن بعد قيام الدليل على حرمة العصير قبل ذهاب الثلثين (٢) ينفي موضوع الأصل بالوجدان.
فالدليل وارد عليه ، ولا يبقى موضوع المورود عليه حتى يعارض ، ونحتاج بطرحه ، لأن موضوع الأصل لو كان شرعيا هو رفع ما لا يعلم ، ولو كان عقليا هو : قبح العقاب من دون بيان ، ومع ورود الحجة المعتبرة المفيدة للعلم ، يرتفع موضوع كلا الاصلين (وأن كان) الدليل الاجتهادي (بنفسه لا يفيد العلم ، بل هو :) أي الحكم المستفاد من الدليل ليس معلوما بل (محتمل الخلاف) كما لو دل الخبر الواحد ، غير المحفوف بالقرينة القطعية على حكم من الاحكام الخمسة ، حيث أنه ، لا يفيد بنفسه العلم ، ولا يحصل اليقين بمطابقته للواقع ، فيكون احتمال خلافه موجودا ، فلا يصح العمل على طبقة إلّا اذا قام الدليل على اعتباره.
ولذا قال : (لكن ثبت اعتباره) أي الدليل الذي لا يفيد العلم بنفسه (بدليل علمي) بأن ينتهي الى العلم ، لأنه كل ما بالغير لا بدّ وأن ينتهي الى ما بالذات ،
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٧ ص ـ ٢٢٩. (الرواية : ٤).
(٢) الوسائل : الجزء ١٧ ص ـ ٢٢٠ و ٢٣٠. (الرواية : ٢ و ١)