الاحتياط فيمكن أن يقال بأن العقل والنقل قد دل على حسنه فيحسن الاحتياط ما لم يوجب العسر والحرج واختلال النظام أو الوسواس أو ترك الأمور المرغوبة الشرعية من تزاور الإخوان الديني ومعاشرتهم وإجابة دعواتهم نعم يمكن [١] أن يستفاد من بعض الأخبار أن التضييق بالاحتياط في الموضوعات الخارجية لا يناسب بالشريعة السمحة السهلة التي بعث بها خاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين.
وأما أصالة البراءة في الشبهات الموضوعية فلا يشترط فيها الفحص والتجسس بلا إشكال ويدل عليه الأحاديث الشريفة وأما الشبهات الحكمية فلا إشكال في عدم التمسك بالبراءة قبل الفحص عقلا ونقلا.
أما الأول فلأنه ما لم يحرز عدم البيان لا تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي هي المستند لأصالة البراءة العقلية.
أما الثاني فللأحاديث المستفيضة الآمرة بتحصيل العلم والدالة على أنه الفريضة على كل مسلم ثم إن ظاهر بعض هذه الأخبار هو أن تحصيل العلم واجب شرعا على كل مسلم في نفسه وإن كانت الحكمة فيه كونه مقدمة للامتثال كما يظهر من بعض آخر وبذلك يندفع بعض ما أورد على وجوبه المقدمي بأن الواجب المشروط والموقت لا يجبان قبل الشرط والوقت وبعد الوجوب قد لا يتمكن من تحصيل العلم فيفوت ذي المقدمة
__________________
[١] وذلك كبعض الأخبار الدالة على أن الوضوء من فضل ماء المسلمين أحب من الوضوء من ماء كوز مخمر لأن الشريعة سمحة سهلة وكبعض الأخبار الدالة على أن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بالاجتناب عن اللحم أو الجلد المشترى من سوق المسلمين