الدلائل ، حتى وصلوا لذلك. فبالصبر واليقين ، تنال الإمامة في الدين.
[٢٥] وثمّ مسائل اختلف فيها بنو إسرائيل ، منهم من أصاب فيها الحق ، ومنهم من أخطأه خطأ ، أو عمدا ، والله تعالى (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) وهذا القرآن يقص على بني إسرائيل ، بعض الذي يختلفون فيه ، فكل خلاف وقع بينهم ، ووجد في القرآن تصديق لأحد القولين ، فهو الحق ، وما عداه مما خالفه ، باطل.
[٢٦] يعني : أو لم يتبين لهؤلاء المكذبين للرسول ، ويهدهم إلى الصواب. (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) الذين سلكوا مسلكهم. (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) فيشاهدونها عيانا ، كقوم هود ، وصالح ، وقوم لوط. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) يستدل بها ، على صدق الرسل التي جاءتهم ، وبطلان ما هم عليه ، من الشرك والشر ، وعلى أن من فعل مثل فعلهم ، فعل به كما فعل بأشياعه من قبل. وعلى أن الله تعالى مجازي العباد ، وباعثهم للحشر والتناد. (أَفَلا يَسْمَعُونَ) آيات الله ، فيعونها ، فينتفعون بها. فلو كان لهم سمع صحيح ، وعقل رجيح ، لم يقيموا على حالة يجزم بها بالهلاك.
[٢٧] (أَوَلَمْ يَرَوْا) بأبصارهم نعمتنا ، وكمال حكمتنا (أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) التي لا نبات فيها ، فيسوق الله المطر ، الذي لم يكن قبل موجودا فيها ، فيفرغه فيها ، من السحاب ، أو من الأنهار. (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) أي : نباتا ، مختلف الأنواع (تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ) وهو نبات البهائم (وَأَنْفُسُهُمْ) وهو طعام الآدميين. (أَفَلا يُبْصِرُونَ) تلك المنة ، التي أحيا الله بها البلاد والعباد ، فيستبصرون فيهتدون بذلك البصر ، وتلك البصيرة ، إلى الصراط المستقيم. ولكن غلب عليهم العمى ، واستولت عليهم الغفلة ، فلم يبصروا في ذلك بصر الرجال. وإنما نظروا إلى ذلك نظر الغفلة ، ومجرد العادة ، فلم يوفقوا للخير.
[٢٨] أي : يستعجل المجرمون بالعذاب ، الذي وعدوا به على التكذيب ، جهلا منهم ومعاندة. (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) الذي يفتح بيننا وبينكم ، بتعذيبنا على زعمكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم.
[٢٩] (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ) الذي يحصل به عقابكم ، لا يستفيدون به شيئا. فلو كان إذا حصل ، حصل إمهالكم ، لتستدركوا ما فاتكم ، حين صار الأمر عندكم يقينا ، لكان لذلك وجه. ولكن إذا جاء يوم الفتح ، انقضى الأمر ، ولم يبق للمحنة والابتلاء محل إذ (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) لأنه صار إيمان ضرورة. (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي : يمهلون ، فيؤخر عنهم العذاب ، فيستدركون أمرهم. (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) لما وصل خطابهم لك وظلمهم إلى حالة الجهل ، واستعجال العذاب. (وَانْتَظِرْ) الأمر الذي يحل بهم ، فإنه لا بد منه ، ولكن له أجل ، إذا جاء لا يتقدم ولا يتأخر. (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) بك ريب المنون ، ومتربصون بكم دوائر السوء ، والعاقبة للتقوى. تم تفسير سورة السجدة.