إن أصلها ألف فقلبت همزة ساكنة.
فإن قيل : لم أتى بصلة الذين فعلا ماضيا؟ قيل : ليدل ذلك على ثبوت إنعام الله عليهم وتحقيقه لهم ، وأتى بصلة أل اسما ليشمل سائر الأزمان ، وجاء به مبنيا للمفعول تحسينا للفظ ، لأن من طلبت منه الهداية ونسب الإنعام إليه لا يناسبه الغضب إليه ، لأنه مقام تلطف وترفق لطلب الإحسان ، فلا يحسن مواجهته بصفة الانتقام.
والإنعام : إيصال الإحسان إلى الغير ، ولا يقال إلا إذا كان الموصل إليه الإحسان من العقلاء ، فلا يقال : أنعم فلان على فرسه ولا حماره.
والغضب : ثوران دم القلب إرادة الانتقام ، ومنه قوله عليهالسلام : «اتقوا الغضب فإنه جمرة توقد في قلب ابن آدم ، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه» (١) وإذا وصف به الباري ـ تعالى ـ فالمراد به الانتقام لا غيره ، ويقال : «فلان غضبه» إذا كان سريع الغضب.
ويقال : غضبت لفلان «إذا كان حيّا» وغضبت به إذا كان ميتا ، وقيل : الغضب تغير لمكروه ، وقيل : إن أريد بالغضب العقوبة كان صفة فعل ، وإن أريد به إرادة العقوبة كان صفة ذات.
والضلال : الخفاء والغيبوبة وقيل : الهلاك فمن الأول قولهم : ضل الماء في اللبن وقوله :
٨٩ ـ ألم تسأل فتخبرك الدّيار |
|
عن الحيّ المضلّل أين ساروا (٢) |
والضلضلة : حجر أملس يرده السيل في الوادي ومن الثاني : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ)(٣) وقيل : الضلال : العدول عن الطريق المستقيم وقد يعبر به عن النسيان كقوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما)(٤) بدليل قوله : «فتذكر».
القول في «آمين» : ليست من القرآن إجماعا (٥) ومعناها : استجب فهي اسم فعل مبني على الفتح ، وقيل : ليس فعل بل هو من أسماء الباري تعالى والتقدير : يا آمين ، وضعف أبو البقاء هذا بوجهين :
أحدهما : أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضم لأنه منادى مفرد معرفة.
والثاني : أن أسماء الله تعالى توقيفية. ووجه الفارسي قول من جعله اسما لله تعالى على معنى أن فيه ضميرا يعود على الله تعالى : لأنه اسم فعل وهو توجيه حسن نقله صاحب «المغرب» (٦).
وفي آمين لغتان : المد والقصر فمن الأول قوله :
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٣٦٥) ، وعزاه لابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري وبنحوه عند أحمد (٣ / ١٩). وذكره البغوي في شرح السنة (١٤ / ٢٤١).
(٢) البيت في تفسير القرطبي (١ / ١٠٥).
(٣) سورة السجدة ، آية (١٠).
(٤) سورة البقرة ، آية (٢٨٢).
(٥) والإجماع هو اتفاق العلماء على حكم شرعي وهو حجة عند جمهور الأمة ، خلافا للخوارج والروافض وإجماع كل عصر حجة لا يشترط الأمة إلى يوم القيامة لانتفاء فائدة الإجماع ولا يشترط انقراض العصر خلافا لابن فورك. انظر المحصول (٢ / ١ / ٢٧٨) ، شرح تنقيح الفصول (٣٤١) ، الأحكام للآمدي (١ / ٦٧).
(٦) وهو من تأليف الإمام العلامة أبي الفتح «ناصر بن عبد السيد المطرزي» ، كان من أهل البيان والفقه والعربية واللغة وكان رأسا من رؤوس الاعتزال ، توفي سنة ٦١٦ ه. الجواهر المضيئة (٢ / ١٩٠) ، الفوائد البهية (٢١٨) ، كشف الظنون (٢ / ١٧٤٧).