والعوذ : الالتجاء إلى الشيء والانحياز له ، والاستجارة به والاستعانة به أيضا ، ومنه العوذة : وهي ما يعاذ به من الشر ، وقيل للرقية والنميمة ـ وهي ما يعلق على الصبي ـ عوذة وعوذة بفتح العين وضمها وكل أنثى وضعت فهي عائذ إلى سبعة أيام. ويقال : عاذ يعوذ عوذا وعياذا ومعاذا فهو عائذ ومعوذ منه. قال الشاعر :
١ ـ ألحق عذابك بالقوم الّذين طغوا |
|
وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني (١) |
قيل : «عائذ» هنا أصله اسم فاعل ولكنه وقع موقع المصدر ، كأنه قال : وعياذا بك. وسيأتي تحقيق هذا القول.
وأعوذ : فعل مضارع وأصله : أعوذ بضم الواو مثل : أقتل وأخرج أنا ، وإنما نقلوا حركة الواو لأن الضمة ثقيلة عليها إلى الساكن قبلها وهكذا كل مضارع من فعل عينه واو نحو : أقوم وتقوم وأجول وتجول ، وفاعله ضمير المتكلم.
وهذا الفاعل لا يجوز بروزه ، بل هو من المواضع السبعة التي يجب فيها استتار الضمير على خلاف في السابع ولا بد من ذكرها لعموم فائدتها وكثرة دورها.
الأول : المضارع المسند للمتكلم وحده نحو : أفعل أنا.
الثاني : المضارع المسند للمتكلم مع غيره أو المعظم نفسه نحو : نفعل نحن.
الثالث : المضارع المسند للمخاطب نحو : تفعل أنت ، ويوحد المخاطب بقيد الإفراد والتذكير لأنه متى كان مثنى أو مجموعا أو مؤنثا وجب بروزه نحو : تقومان تقومون تقومين.
الرابع : فعل الأمر المسند للمخاطب نحو : افعل أنت ، ويوحد المخاطب أيضا بقيد الإفراد والتذكير لأنه متى كان مثنى أو مجموعا أو مؤنثا وجب بروزه ، نحو : افعلا افعلوا افعلي.
الخامس : اسم فعل الأمر مطلقا أي سواء كان المأمور مفردا أم مثنى أم مجموعا أم مؤنثا نحو : صه يا زيد يا زيدان يا زيدون يا هند يا هندان يا هندات بخلاف فعل الأمر فإنه يبرز فيه ضمير غير المفرد المذكر كما تقدم.
السادس : اسم الفعل المضارع نحو : أوه أي أتوجع وأف أي أتضجر ووي أي أعجب وهذه الستة لا يبرز فيها الضمير بلا خلاف وتحرزت بقولي : «اسم فعل الأمر واسم الفعل المضارع» من اسم الماضي فإنه لا يجب فيه الاستتار كما سيأتي.
السابع : المصدر الواقع موقع الفعل بدلا من لفظه نحو : ضربا زيدا وقول الشاعر :
__________________
ـ (٤ / ٨٠) ، مسند جبير بن مطعم رضي الله عنه وأبو داود (١ / ٤٨٦) في كتاب الصلاة (٧٦٤) ، وابن ماجة (١ / ٢٦٥) في إقامة الصلاة باب الاستعاذة في الصلاة (٨٠٧) ، وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد ص (١٢٣) حديث (٤٤٣) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٢٣٥) ، وأبو يعلى الموصلي رقم (٧٣٩٨) (١٣ / ٣٩٣). وأخرجه الطيالسي ١ / ٩٠ رقم (٣٩١) ، والبيهقي (٢ / ٣٥) باب التعوذ بعد الافتتاح ، والبغوي في شرح السنة (٣ / ٤٣) ، وابن أبي شيبة في الصلاة (١ / ٢٣١) باب فيما يفتتح به الصلاة ، وعبد الرزاق في المصنف (٢٥٥٤) ، والطحاوي في معاني الأثار (١ / ١٩٨).
(١) البيت لعبد الله بن الحارث السهمي من أصحاب سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم. انظر السيرة لابن هشام (٢١٦) وهو آخر أبيات ستة له فيها ، والروض الأنف (١ / ٢٠٨) ، والكتاب (١ / ٣٤٢) ، والحماسة بشرح المرزوقي (٤٧٥) ، واللسان (عوذ) ورواية السيرة «بغوا» ، «أن يغلوا» والشاهد وضع «عائذا» موضع المصدر النائب عن فعله ، أي أعوذ عياذا.