وقال الزمخشري
ما معناه : إنّ هذه الآية مثل قوله تعالى : (كَالَّذِي خاضُوا)
، واعتلّ لتسويغ
ذلك بأمرين :
أحدهما أنّ «الذي»
لمّا كان وصلة لوصف المعارف ناسب حذف بعضه لاستطالته ، قال : «ولذلك نهكوه بالحذف
، فحذفوا ياءه ثم كسرته ثم اقتصروا منه على اللام في أسماء الفاعلين والمفعولين».
والأمر الثاني
: أنّ جمعه ليس بمنزلة جمع غيره بالواو والنون ، إنما ذلك علامة لزيادة الدلالة ،
ألا ترى أن سائر الموصولات لفظ الجمع والمفرد فيهنّ سواء. وهذا القول فيه نظر من
وجهين ، أحدهما : أنّ قوله ظاهر في جعل هذه الآية من باب حذف نون «الذين» ، وفيه
ما تقدّم من أنه كان ينبغي أن يطابق الضمير جمّعا كما في الآية الأخرى التي نظّر
بها. والوجه الثاني : أنه اعتقد كون أل الموصولة بقية «الذي» ، وليس كذلك ، بل أل
الموصولة اسم موصول مستقل ، أي : غير مأخوذ من شيء ، على أن الراجح من جهة الدليل
كون أل الموصولة حرفا لا اسما كما سيأتي. وليس لمرجّح أن يرجّح قول الزمخشري بأنهم
قالوا : إنّ الميم في قولهم : «م الله» بقية ايمن ، فإذا انتهكوا ايمن بالحذف حتى
صار على حرف واحد فأولى أن يقال بذلك فيما بقي على حرفين ، لأن أل زائدة على
ماهيّة «الذي» فيكونون قد حذفوا جميع الاسم ، وتركوا ذلك الزائد عليه بخلاف ميم
ايمن ، وأيضا فإنّ القول بأنّ الميم بقية أيمن قول ضعيف مردود يأباه قول الجمهور.
وفي «الذي»
لغات : أشهرها ثبوت الياء ساكنة. وقد تشدّد مكسورة مطلقا ، أو جارية بوجوه الإعراب
، كقوله :
٢١٣ ـ وليس
المال فاعلمه بمال
|
|
وإن أرضاك
إلّا للّذيّ
|
ينال به
العلاء ويصطفيه
|
|
لأقرب أقربيه
وللقصيّ
|
فهذا يحتمل أن
يكون مبنيّا وأن يكون معربا ، وقد تحذف ساكنا ما قبلها ، كقول الآخر :
٢١٤ ـ فلم أر
بيتا كان أكثر بهجة
|
|
من اللّذ به
آل عزّة عامر
|
أو مكسورا ،
كقوله :
٢١٥ ـ واللّذ
لو شاء لكانت برّا
|
|
أو جبلا أصمّ
مشمخرا
|
ومثل هذه
اللغات في «التي» أيضا ، قال بعضهم : «وقولهم هذه لغات ليس جيدا لأنّ هذه لم ترد
إلا ضرورة ، فلا ينبغي أن تسمّى لغات».
واستوقد استفعل
بمعنى أفعل ، نحو : استجاب بمعنى أجاب ، وهو رأي الأخفش ، وعليه قول الشاعر :
٢١٦ ـ وداع
دعايا من يجيب إلى النّدى
|
|
فلم يستجبه
عند ذاك مجيب
|
__________________