وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ بِالْوَفَاءِ بِمَا أَعْطَى اللهَ مِنْ نَفْسِهِ وَعَلَى أَنْ لَا يَبْغِيَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَلَا لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم غَائِلَةً سِرّاً وَلَا جَهْراً وَلَا يُخِيفُ أَحَداً مِنْهُمْ فِي أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَالسَّلَامُ
وَلَمَّا تَمَّ الصُّلْحُ وَانْبَرَمَ الْأَمْرُ (١) الْتَمَسَ مُعَاوِيَةُ مِنَ الْحَسَنِ علیهما السلام أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ وَيُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ : فَخَطَبَ وَقَدْ حَشَدَ النَّاسُ خُطْبَةً حَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ صلی الله علیه وسلم فِيهَا وَهِيَ مِنْ كَلَامِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ علیهما السلام وَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التُّقَى وَأَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ وَإِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَيْنَ جَابَلْقَ وَجَابَرْسَ رَجُلاً جَدُّهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا وَجَدْتُمُوهُ غَيْرِي وَغَيْرَ أَخِيَ الْحُسَيْنِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللهَ هَدَاكُمْ بِجَدِّي مُحَمَّدٍ فَأَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَرَفَعَكُمْ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَكَثَّرَكُمْ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ إِنَّ مُعَاوِيَةَ نَازَعَنِي حَقّاً هُوَ لِي دُونَهُ فَنَظَرْتُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَقَدْ كُنْتُمْ بَايَعْتُمُونِي عَلَى أَنْ تسالمون [تُسَالِمُوا] مَنْ سَالَمْتُ وَتحاربون [تُحَارِبُوا] مَنْ حَارَبْتُ فَرَأَيْتُ أَنْ أُسَالِمَ مُعَاوِيَةَ وَأَضَعَ الْحَرْبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَقَدْ بَايَعْتُهُ وَرَأَيْتُ [أَنَ] حَقْنَ الدِّمَاءِ خَيْرٌ مِنْ سَفْكِهَا وَلَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا صَلَاحَكُمْ وَبَقَاءَكُمْ (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).
وَعَنْهُ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ لَا أَدَبَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا هِمَّةَ لَهُ وَلَا حَيَاءَ لِمَنْ لَا دِينَ لَهُ وَرَأْسُ الْعَقْلِ مُعَاشَرَةُ النَّاسِ بِالْجَمِيلِ وَبِالْعَقْلِ تُدْرَكُ الدَّارَانِ جَمِيعاً وَمَنْ حُرِمَ مِنَ الْعَقْلِ حُرِمَهُمَا جَمِيعاً.
وَقَالَ علیهما السلام عَلِّمِ النَّاسَ وَتَعَلَّمْ عِلْمَ غَيْرِكَ فَتَكُونَ قَدْ أَتْقَنْتَ عِلْمَكَ وَعَلِمْتَ مَا لَمْ تَعْلَمْ.
وَسُئِلَ علیهما السلام عَنِ الصَّمْتِ فَقَالَ هُوَ سَتْرُ الْغَيِّ وَزَيْنُ الْعِرْضِ وَفَاعِلُهُ فِي رَاحَةٍ وَجَلِيسُهُ آمِنٌ.
وَقَالَ علیهما السلام هَلَاكُ النَّاسِ فِي ثَلَاثٍ الْكِبْرِ وَالْحِرْصِ وَالْحَسَدِ فَالْكِبْرُ هَلَاكُ
________________
(١) من أبرم الامر : أحكمه.