حَقّاً فَاسْتَبْدَدْتُمْ عَلَيْنَا ثُمَّ ذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَحَقَّهُمْ فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ يَذْكُرُ حَتَّى بَكَى أَبُو بَكْرٍ وَصَمَتَ عَلِيٌّ وَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَوَ اللهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَلَوْتُ (١) فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ عَنِ الْخَيْرِ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَدَعُ أَمْراً صَنَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَّا صَنَعْتُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَقَالَ عَلِيٌّ مَوْعِدُكَ لِلْبَيْعَةِ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ يُعْذِرُ عَلِيّاً بِبَعْضِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيباً حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الْحَمِيدِيُ.
. وقد خطر لي عند نقلي لهذا الحديث كلام أذكره على مواضع منه ثم بعد ذلك أورد ما نقله أصحابنا في المعنى ملتزما بما اشترطته من العدل في القول والفعل (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ).
قول أبي بكر رضي الله عنه في أول الحديث وآخره وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلی الله علیه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته وهو رضا الله عنه لم ير النبي صلی الله علیه وسلم صنع فيها إلا أنه اصطفاها وإنما سمع سماعا أنه بعد وفاته لا يورث كما روي فكان حق الحديث أن يحكي ويقول وإني والله لا أدع أمرا سمعت رسول الله صلی الله علیه وسلم يقوله إلا عملت بمقتضى قوله أو ما هذا معناه.
وفيه فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي والعباس فغلبه عليها علي.
أقول حكم هذه الصدقة التي بالمدينة حكم فدك وخيبر فهلا منعهم الجميع كما فعل صاحبه إن كان العمل على ما رواه أو صرفهم في الجميع إن كان الأمر
________________
(١) أي ما قصرت وما أبطأت وفي جملة من النسخ «مالكوت» وفي نسخة البحار «ما لكأت» وكأنه من تلكأ عن الامر : أبطأ وتوقف.