ومعناه : أثبت على الحق ، فسماه صبرا للمشقة التي تلحق به ، كما تلحق بتجرع المر. ولذلك لا يوصف أهل الجنة بالصبر ، وإن وصفوا بالثبات على الحق ، وإن كان في الوصف به في الدنيا فضل ، ولكنهم يوصفون بالحلم ، لأنه مدح ليس فيه صفة نقص. (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) معناه : إن ما وعد الله به المؤمنين على الصبر من الثواب في الجنة ، حق لا شك فيه ، بل هو كائن لا محالة. وقيل : إن وعد الله بالنصر لأنبيائه ، والانتقام من أعدائه ، حق وصدق ، لا خلف فيه. (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب في حياتك. وإنما قال (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) لأن المعجل من عذابهم في الدنيا ، هو بعض ما يستحقونه. (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل أن يحل بهم ذلك (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) يوم القيامة ، فتفعل بهم ما يستحقونه من العقاب ، ولا يفوتوننا. ثم زاد سبحانه في تسلية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ) قصصهم وأخبارهم (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) أخبارهم. وقيل : معناه منهم من تلونا عليك ذكره ، ومنهم من لم نتل عليك ذكره. وروي عن علي عليهالسلام أنه قال : بعث الله نبيا أسود لم يقص علينا قصته. واختلفت الأخبار في عدد الأنبياء ، فروي في بعضها أن عددهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. وفي بعضها أن عددهم ثمانية آلاف نبي ، أربعة آلاف من بني إسرائيل ، وأربعة آلاف من غيرهم.
(وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) أي : بمعجزة ودلالة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) وأمره. والمعنى : إن الإتيان بالمعجزات ليس إلى الرسول ، ولكنه إلى الله تعالى ، يأتي بها على وجه المصلحة. (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) وهو القيامة (قُضِيَ بِالْحَقِ) بين المسلمين والكفار ، والأبرار والفجار. (وَخَسِرَ هُنالِكَ) عند ذلك (الْمُبْطِلُونَ) لأنهم يخسرون الجنة ، ويحصلون في النار ، بدلا منها ، وذلك هو الخسران المبين. والمبطل : صاحب الباطل. ثم عدد سبحانه نعمه