مَنْسَكاً) أي : لكل جماعة مؤمنة من الذين سلفوا ، جعلنا عبادة في الذبح. وقيل : قربانا أحل لهم ذبحه. وقيل : متعبدا وموضع نسك يقصده الناس. وقيل : منهاجا وشريعة (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أي : تعبدناهم بذلك ليذكروا اسم الله على ما رزقناهم من بهيمة الأنعام ، وبهيمة غير الأنعام لا يحل ذبحها ، ولا التقرب بها. وفي هذا دلالة على أن الذبائح غير مختصة بهذه الأمة ، وأن التسمية على الذبح كانت مشروعة قبلنا (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي : معبودكم الذي توجهون إليه العبادة واحد ، لا شريك له.
والمعنى : فلا تذكروا على ذبائحكم إلا الله وحده (فَلَهُ أَسْلِمُوا) أي : انقادوا وأطيعوا.
(وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) أي : المتواضعين المطمئنين إلى الله. وقيل : الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لا ينتصرون. كأنهم اطمأنوا إلى يوم الجزاء.
ـ [وقال موسى بن جعفر عليهالسلام : «سألت أبي عن قول الله عزوجل : (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) الآية ، قال : نزلت فينا خاصّة» (١) وقال علي بن إبراهيم : أي العابدين (٢)] ـ.
ثم وصفهم فقال : (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي : إذا خوفوا بالله خافوا (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ) من البلايا والمصائب في طاعة الله (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) في أوقاتها يؤدونها كما أمرهم الله (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي يتصدقون من الواجب وغيره (٣).
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ٢ ، ص ٨٤.
(٢) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٣٣٧ ، ح ١١.
(٣) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٨٤.